أحمد بن حنبل رحمه الله يستدل بقوله «بكلمات الله التامة» على أن القرآن غير مخلوق، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستعيذ بمخلوق، وما من كلام مخلوق إلا وفيه نقص، فالموصوف منه بالتمام هو غير مخلوق وهو كلام الله تعالى.
وفي الصحيحين وغيرهما، عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه، قال: فيّ أنزلت هذه الآية «١» فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ
أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:«أدنه» فدنوت ثم قال: «ادنه» فدنوت، فقال «٢» صلى الله عليه وسلم: «أيؤذيك هوامك» ؟ قال ابن عوف: أظنه قال: نعم.
فأمرني بفدية من صيام أو صدقة أو نسك ما تيسر.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٣» : «إن لله مائة رحمة، واحدة بين الجن والأنس والبهائم والهوامّ فيها يتعاطفون ويتراحمون، وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسعا وتسعين رحمة، يرحم الله بها عباده يوم القيامة» . وسيأتي هذا في باب الواو، في لفظ الوحش إن شاء الله تعالى.
وفي الإحياء، في فضل الجمعة، يقال: إن الطير والهوام يلقي بعضها بعضها في يوم الجمعة، فتقول: سلام سلام يوم صالح، وهو كذلك في قوت القلوب أيضا.
وفي كتاب فردوس الحكمة، آية في كتاب الله، من قرأها يأمن من الهوام إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
«٤» وقد تقدم نظير هذا في باب الباء الموحدة، في البراغيث من رواية ابن أبي الدنيا، في كتاب التوكل، إن عامل أفريقية كتب إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه، يشكو إليه الهوام والعقارب، فكتب إليه: وما على أحدكم إذا أمسى وأصبح أن يقول: وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا
«٥» الآية.
وفي كتاب النصائح، أن بعض السياحين، كان مقداما على كل هول يخافه المسافرون، غير متحفظ من الهوام والسباع، فتعجب منه قوم وخوفوه الغرر بنفسه، فقال: إني على بصيرة من أمري، وذلك أني سافرت تاجرا مع رفقة، فكان سراق الأعراب، يطوفون بنا كل ليلة، وكنت أشد أصحابي ذكرا وأطولهم سهرا، وكنت قد أكتريت مع رجل من الأعراب أعرفه بالصلاح والدين فلما رآني على هذه الحالة، قال: صل على محمد صلى الله عليه وسلم مائة مرة، ونم آمنا، ففعلت ذلك ونمت، فإذا رجل يوقظني فارتعت وقلت: من أنت؟ فقال: اصطنعني واستتبني، قلت: مالك؟ قال:
هذه يدي قد احتبسها متاعك، وإذا هو قد شق عدلا كنت نائما عليه، وأدخل يده لاستخراج الثياب منه، فلم يستطيع إخراج يده فأيقظت المكاري وأخبرته وسألته أن يدعو له، فقال: أنت