قوله:«إذا أقر له بدين» بأن قال: في ذمتي لك ألف ريال.
وقوله:«أو عين» بأن قال: هذا المسجل لك.
وقوله:«فأسقط» يعود على الدين.
وقوله:«أو وهب» يعود على العين، ففيه لف ونشر مرتب، يعني يذكر شيئين ثم يثني بمثل حكمهما مرتباً؛ لأنه أعاد الأول على الأول والثاني على الثاني، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ *خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ *﴾ ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ﴾ [هود]، فهذا يسمى لفّاً ونشراً مرتّباً.
وهناك لف ونشر غير مرتب، بأن يُذكر ما يعود على الثاني، ثم ما يعود على الأول، قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ﴾ [آل عمران: ١٠٦]، هذا لف ونشر غير مرتب.
وهذه كلها من أساليب البلاغة، ولا بد لكل ما خالف الأصل من فائدة، وإلا فالأصل أن يكون اللف والنشر مرتبين.
وقوله:«فأسقط أو وهب البعض وترك الباقي صح»، بأن قال حينما أقر له بمائة ريال قال: أسقطت عنك خمسين ريالاً صح؛ لأن هذا إبراء محض وإحسان ومطلوب، ولكن قد يقال: أين هذا من الصلح؟ فهل حصل نزاع حتى يحصل صلح؟! الجواب: الفقهاء يقولون: لو وقع هذا بلفظ الصلح لم يصح، وهذا وجه إدخاله في باب الصلح، فلو أن صاحب الحق قال للمقر: قد صالحتك على بعض الدين، يقولون: لا يصح، لأنه لا