إذاً المرأة إذا منعت حق الزوج سقطت نفقتها، فإذا منع نفقتها، فهل يسقط حقه؟ نعم ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾ [النحل: ١٢٦]، فإذا كان الزوج يمنع زوجته من النفقة فلها أن تمنع نفسها منه، ولها أن تأخذ من ماله بدون علمه، وإذا كان يسيء معاملتها فلها أن تسيء معاملته لقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤].
قوله:«ومن وهبت قسمها لضرتها بإذنه أو له فجعله لأخرى جاز»، أي: إذا وهبت قسمها لضرتها بإذنه فلا حرج، بأن قالت: هل تأذن لي أن أجعل قسمي لفلانة؟ فإذا قال: نعم، ووافق فلا مانع، وإن أبى فله ذلك، أو قالت: وهبت يومي لك، يعني تتصرف فيه كما شئت، فجعله هو لإحدى زوجاته جاز.
والفرق بين الصورتين: أنه في الصورة الأولى هي التي عينت المرأة، قالت: وهبت قسمي لفلانة، كما فعلت سودة ﵂ لما خافت أن يطلقها النبي ﷺ لكبر سنها وهبت قسمها لعائشة ﵂(١)، واختارت سودةُ عائشةَ ﵂؛ لأنها أحب نسائه إليه، فأرادت أن تهبه لمن يحب ﵊، وهذا من فقهها وشفقتها على الرسول ﷺ، أما كونه من فقهها فلأن الرسول ﷺ لو طلقها لم
(١) أخرجه البخاري في الهبة/ باب هبة المرأة لغير زوجها … (٢٥٩٣) عن عائشة ﵂.