للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «ويستحب عن الجنين» أي: يستحب إخراج زكاة الفطر عن الجنين.

والجنين هو الحمل في بطن الأم، وسمي بذلك لاجتنانه أي: استتاره، وأصل مادة الجيم والنون من الخفاء فالجنين مشتق منه، وكذلك الجن؛ لأنهم مستترون، وأيضاً الجنَّة للبستان الكثير الأشجار؛ لأنه يستر من فيه، ومنه الجُنَّة لأنه يستتر بها عند القتال.

وظاهر كلام المؤلف، أنه يستحب الإخراج عن الجنين، سواء نفخت فيه الروح أم لم تنفخ؛ لعموم قوله: «عن الجنين».

والإخراج عنه قبل نفخ الروح فيه نظر؛ لأنه ليس إنساناً، قال تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨] فهو ميت لا حياة فيه، فالذي يظهر لي أننا إذا قلنا باستحباب إخراجها عن الجنين فإنما تخرج عمن نفخت فيه الروح، ولا تنفخ الروح إلا بعد أربعة أشهر لحديث ابن مسعود قال: حدثنا رسول الله وهو الصادق (١) المصدوق (٢) قال: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ثم يؤمر بكتب أربع كلمات، رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد» (٣).

ولذلك قال العلماء: السقط قبل أربعة أشهر لا يغسل ولا


(١) الصادق: صادق فيما أخبر به.
(٢) المصدوق: مصدق فيما أخبر عنه.
(٣) أخرجه البخاري في بدء الخلق/ باب ذكر الملائكة (٣٢٠٨)؛ ومسلم في كتاب القدر/ باب كيفية خلق الآدمي … (٢٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>