للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلٌ، انظر كيف أنطقَ اللَّهُ الصَّحابةَ أن يسألوا هذا السؤال؟ حتى يكون الدِّين كاملاً لا يَحتاجُ إلى تكميل، وقد احتاج النَّاسُ إلى هذا الآن، كما في المناطق القُطبية؛ يبقى الليل فيها سِتَّة أشهر والنهار ستة أشهر، فنحتاج إلى هذا الحديث، وانظر كيف أفتى الرسول هذه الفتوى قبل أن تقع هذه المسألة؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ [المائدة: ٣] والله لو نتأمَّل هذه الكلمة ﴿أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ فلا يوجد شيء ناقص في الدِّين أبداً، فهو كامل مِن كلِّ وَجْهٍ، لكن النقص فينا، إما قصور في عقولنا، أو في أفهامنا أو في عُلُومنا، أو في إرادات تكون غير منضبطة، فمِن النَّاسِ من يريد أن ينصر قوله فيَعْمَى عن الحقِّ؛ نسأل الله العافية.

فلو نظرنا بعلم وفَهْمٍ وعَقْلٍ وحُسْنِ نية لوجدنا أن الدِّينَ ولله الحمدُ لا يحتاج إلى مكمِّل، وأنه لا يمكن أن تقع مسألة صغيرة ولا كبيرة إلا وُجِدَ حَلُّها في الكتاب والسُّنَّة، لكن لما كَثُرَ الهوى، وغلب على كثير من النَّاسِ صار بعض الناس يَعْمَى عليه الحقُّ، ويَخْفَى عليه، وتجدهم إذا نزلت فيهم الحادثة التي لم تكن معروفة مِن قبل بعينها، وإن كان جنسها معروفاً يختلفون فيها أكثر من أصابعهم، وإذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشرة؛ لأنَّ الهوى غلب على النَّاسِ الآن، وإلا فلو كان القصد سليماً والفهم صافياً والعلم واسعاً والعقل راجحاً لما حصل هذا.

ثم بعد أن يمكث الدَّجَّال أربعين يوماً، ينزل المسيحُ عيسى بن مريم؛ الذي رَفَعَهُ الله إليه، وقد جاء في الأحاديث أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>