ثالثاً: دعوته، فقد ذُكِرَ أنَّه أول ما يخرج يدعو إلى الإسلام، ويقول: إنه مسلم، وينافح عن الإسلام، ثم بعد ذلك يدَّعي النبوة، ثم بعد ذلك يدَّعي أنه إله، فهذه دعواه، نهايتها بداية فرعون، وهي ادّعاء الرُّبوبية.
رابعاً: فِتنته، مِن حكمة الله ﷿ أن الله ﷾ يعطيه آيات فيها فِتَنٌ عظيمة، فإنه يأتي إلى القوم يدعوهم فيتَّبعونه فيصبحون وقد نبتت أراضيهم، وشبعت مواشيهم، فتعود إليهم أوفر ما تكون لبناً وأسبغ ضروعاً، يعني: أنهم يعيشون برغدٍ، لأنهم اتبعوه.
ويأتي القومَ فيدعوهم فلا يتَّبعونه فيصبحون ممحلين ليس في أراضيهم شيء، وهذه فِتنة عظيمة ولا سيما في الأعراب، ويمرُّ بالخَرِبَة فيقول: أخرجي كنوزك، فتخرج كنوزها تتبعه كيعاسيب النحل من ذهب وفضَّة وغيرها بدون آلات وبدون أيِّ شيء، فِتنةً من الله ﷿، فهذه حاله ومعاملته مع أهل الدُّنيا لمن يريد التمتُّع بالدنيا أو يبأس فيها.
ومِن فِتنته: أن الله تعالى جَعَلَ معه مثل الجنة والنَّار (١)، بحسب رؤيا العين، لكن جنته نار، وناره جنَّة، مَن أطاعه أدخله هذه الجنَّة فيما يرى النَّاسُ، ولكنها نار محرقة والعياذ بالله، ومن عصاه أدخله النار فيما يراه النَّاسُ، ولكنها جَنَّةٌ وماء عذب طيِّب.
(١) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب قول الله ﷿: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا﴾ (٣٣٣٨)؛ ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال (٢٩٣٦) (١٠٩).