للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنذر قومَه منه (١) تنويهاً بشأنه وتحذيراً منه، وإلا فإن الله يعلم أنه لن يخرج إلا في آخر الزمان، ولكن أَمَرَ الرُّسل أن ينذروا قومهم إيَّاه من أجل أن يتبيَّن عِظَمُه وفداحته، وقد صَحَّ ذلك عن النبيِّ وقال: «إنْ يخرجْ وأنا فيكم، فأنا حَجيجُهُ دونكم ـ يعني: أكفيكم إيَّاه ـ وإن يخرجْ، ولست فيكم؛ فامرؤٌ حجيجُ نفسه، والله خليفتي على كلِّ مسلم» (٢) نِعْمَ الخليفةُ ربُّنا جَلَّ وعلا. لذلك كان الدَّجَّال حريًّا بأن تُخصَّ فِتنته من بين فِتَنِ المحيا.

وأما الدَّجَّال فهو مأخوذ من الدَّجَل وهو التمويه؛ لأن هذا أعظم مموِّه، وأشدُّ الناس دجلاً.

والبحث فيه من وجوه:

أولاً: زَمنه، هو من علامات الساعة؛ ولكنه غير محدَّد، فلا نعلمه؛ لأنه لا يعلم متى تكون السَّاعة إلا الله، فكذلك أشراطها لا نعلم منها إلا ما ظهر، فوقت خروجه غير معلوم لنا.

ثانياً: مكانه، فإنه يخرج من المشرق جهة الفتن والشَّرِّ، كما قال النبيُّ : «الفتنة ههنا؛ وأشار إلى المشرق» (٣) فالمشرق منبع الشَّرِّ والفِتن مِن خُراسان؛ مارًّا


(١) أخرجه البخاري، كتاب الجهاد، باب كيف يعرض الإسلام على الصبي (٣٠٥٧)؛ ومسلم، كتاب الفتن، باب ذكر الدجال (٢٩٣٣) (١٠١).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب ذكر الدجال (٢٩٣٧) (١١٠).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي : «الفتنة من قبل المشرق» (٧٠٩٢)؛ ومسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان (٢٩٠٥) (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>