للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكنوس، ورأيت التجار يخاصمون قهرمانه، قال: صدقت، كلّ ذلك قد رأيت، فوجه إليه [مع مسلم] بثلاثمائة ألف، فسبق رسول مسلم إلى سعيد يبشره بتوجيهها، ويخبره بما كان، فغضب سعيد وقال للرسول: إنّ صاحبك ظنّ أنه أحسن فأساء، وتأوّل فأخطأ، فأما وسخ ثياب الحشم فمن كثرت حركته اتسخ ثوبه، وأما كنس الدار فلست من جعل داره مرآته، وبهاءه لبسته [١] ، ومعروفه عطره، ثم لا يبالي من مات هزلا من ذوي رحمه أو لحمته [٢] ، وأما منازعة التجار قهرماني فمن كثرت حوائجه وبيعه وشراؤه لم يجد بدا من أن يكون طالبا أو مطلوبا، وأما المال الذي أمر لنا به أمير المؤمنين فوصلته به كلّ رحم قاطعة، وهناه كرامة [٣] المنعم بها، وقد قبلناه وأمرنا لصاحبك منه بمائة ألف، ولشرحبيل بن السمط بمثلها، وليزيد بن شجرة بمثلها، وفي سعة الله وبسط يد أمير المؤمنين ما عليه معوّلنا. فركب مسلم إلى معاوية فأعلمه، فقال: صدق ابن عمّي فيما قال، وأخطأت فيما أنهيت إليه، فاجعل نصيبك من المال لروح بن زنباع عقوبة لك، فإنه من جنى جناية عوقب بمثلها، كما أنّه من فعل خيرا كوفىء عليه.

«٧٥٩» - قال الحسن: بلغني أن رجلا جهده الجوع ففطن به بعض الأنصار، فلما أمسى أتى به رحله، وقال لامرأته: هل لك أن نطوي ليلتنا هذه لضيفنا؟ قالت: نعم، قال: فإذا قرّبت الطعام فاعمدي كأنك تصلحين السراج فاطفئيها، ففعلت، وجاءت بثريدة كأنها قطاة فوضعتها، ثم دنت فأطفأت السراج فجعل الانصاريّ يضع يده في القصعة ولا يأكل، وأكل


[١] العقد: وتزينه لبسه.
[٢] العقد: من ذي لحمة أو حرمة.
[٣] ر: كرمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>