للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الحاجب وهو ينظر إليها فقال له: هل في نفسك منها شيء؟ قال: نعم والله، وإن في نفسي منها ما كان في نفس يعقوب من يوسف، فضحك عبيد الله وقال: فشأنك بها فهي لك قال: جعلت فداك، أنّى وإن يبلغ ذلك معاوية يجد عليّ، قال: فاختمها بخاتمك وادفعها إلى الخازن، فإذا كان [١] خروجنا حملها إليك ليلا، قال الحاجب: والله لهذه الحيلة في الكرم اكبر من الكرم، ولوددت أني لا أموت حتى أراك مكانه، يعني معاوية، فظنّ عبيد الله أنها مكيدة منه فقال: دع هذا الكلام فإنا قوم نفي بما عقدنا ولا تنقض ما أكّدنا.

«٧٥٤» - وجاءه رجل من الأنصار فقال له: يا ابن عمّ محمد، إنه ولد لي في هذه الليلة مولود وإني سمّيته باسمك تبركا مني به، وإنّ أمّه ماتت، فقال عبيد الله: بارك الله لك في الهبة، وأجزل لك الأجر على المصيبة، ثم دعا بوكيله فقال: انطلق الساعة فاشتر للمولود جارية تحضنه، وادفع إليه مائتي دينار لينفقها على تربيته، ثم قال للأنصاريّ: عد إلينا بعد أيام فإنك جئتنا وفي العيش يبس، وفي المال قلّة. فقال الأنصاري: جعلت فداك، لو سبقت حاتما بيوم ما ذكرته العرب أبدا، ولكنه سبقك فصرت له تاليا، وأنا أشهد أنّ عفو جودك أكثر من مجهوده، وطلّ صوبك أكثر من وابله.

«٧٥٥» - وعبيد الله بن أبي بكرة من الأجواد، أدلى إليه رجل بحرمة فأمر له بمائة ألف درهم فقال: أصلحك الله ما وصلني بها أحد قط، لقد قطعت لساني عن شكر غيرك، وما رأيت الدنيا في يد أحد أحسن منها في يدك، ولولا أنت لم تبق لنا بهجة إلا أظلمت ولا نور إلا انطمس.


[١] العقد: حان.

<<  <  ج: ص:  >  >>