حتى اذا انكشفت عنه غياهبها [١] ... ورتّب الناس بالأحساب والقدم
مات التخلّق وارتدتك مرتجعا ... طبيعة نذلة الأخلاق والشيم
كذاك من كان لا رأس ولا ذنب ... كزّ اليدين حديث العهد بالنعم
هيهات لست بحمّال الديات ولا ... معطي الجزيل ولا المرهوب في النقم
ولما بلغت هذه الابيات علي بن هشام ندم على ما كان منه وجزع وقال: لعن الله اللجاج فإنه شر ما تخلقه الناس. ثم أقبل على أخيه الخليل بن هشام فقال: الله يعلم إني لأدخل على الخليفة وعليّ السيف وأنا مستحي، أذكر قول ابن وهيب فيّ:
لم تند كفّك من بذل النوال كما لم ... يند سيفك مذ قلّدته بدم
«٣٥٣» - قال الفرزدق: لما اطردني زياد أتيت المدينة، وعليها مروان بن الحكم، فبلغه أني خرجت من دار ابن صياد، وهو رجل يزعم أهل المدينة أنه الدجال، فليس يكلّمه أحد ولا يجالسه، ولم أكن عرفت خبره. فأرسل إليّ مروان فقال: أتدري ما مثلك؟ حديث تحدث به العرب: أن ضبعا مرّت بحيّ قوم قد رحلوا، فوجدت مرآة فنظرت إلى وجهها فيها وقالت: من شرّ ما طرحك أهلك. ولكن من شرّ ما طردك أميرك، فلا تقيمنّ بالمدينة بعد ثلاثة أيام. قال: فخرجت أريد اليمن، حتى إذا صرت بأعلى ذي قسيّ، وهو طريق اليمن من البصرة، إذا رجل مقبل فقلت: من اين أوضع الراكب؟ قال: من البصرة. قلت: ما الخبر وراءك؟ قال: أتانا أن زيادا مات بالكوفة. قال: