للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقرر الشيخ بأن إفراد الله بالعبادة هو التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، وهو أصل الدين، وهو الذي خلق الله الثِّقَلينِ -الجن والإنس- من أجله، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون} (الذاريات: الآية: ٥٦) وهو الذي أرسل الله به الرسل، وأنزل من أجله الكتب، وفرض من أجله الجهاد، وشرع له شريعة الإسلام، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت} (النحل: من الآية: ٣٦).

يقول الشيخ رحمه الله محمد بن عبد الوهاب:

اعلم -رحمك الله-: أن الله -سبحانه وتعالى- إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب لأجل التوحيد، فإذا لم يفعله الإنسان ويجتنب الشرك، فهو كافر، وكل أعماله حابطة، ولو كان من أعبد هذه الأمة، يقوم الليل ويصوم النهار، قال الله تعالى في الأنبياء: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} (الأنعام: من الآية: ٨٨) وتصير عبادته كلها كمن صلى ولم يغتسل من الجنابة، أو كمن يصوم في شدة الحر وهو يزني في أيام الصوم.

أما فضل التوحيد، فهو فضل عظيم، وثواب كبير، ويكفر الذنوب، كما روى الترمذي وحسنه عن أنس: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: ((قال الله تعالى: يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لآتيتك بقرابها مغفرة)) وكما في حديث عتبان: ((فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)).

قال الشيخ -رحمه الله-: إذا عرفت حديث أنس، عرفت أن قوله في حديث عتبان: ((فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله)) أنه ترك الشرك، وتركه بالكلية علمًا وعملًا وقولًا باللسان، وأن ترك الشرك باللسان فقط دون العمل، لا ينفع ولا يفيد.

<<  <   >  >>