للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوحيد الربوبية ثابت مشهود، لا يحتاج إلى دليل، بل هو الدليل على توحيد الطلب كما أنزل الله في محكم كتابه يحتج به على مَن كفر من خلقه، الله -عز وجل- كان يسوق الآيات الدالة على توحيد الربوبية؛ لإقامة الحجة على مَن اتخذ مع الله آلهة أخرى، كأنه يريد أن يقول: يا من تعترفون بأن الله هو الخالق، الرازق، المدبر، المتصرف في هذا الكون، اعبدوه وحده دون سواه.

أما توحيد الأسماء والصفات فيقول الشيخ عنه:

وأما توحيد الصفات، فلا يستقيم توحيد الربوبية ولا توحيد الألوهية إلا بالإقرار بالصفات، والكفار أعقلُ ممن أنكر الصفات، ذلك أن الكفار يزعمون أن الله هو الإله الأكبر، ولكن معه آلهة أخرى تشفع عنده، فهم أثبتوا أن الله يتصف بأنه معبود، لكن نازعوا في توحيد العبادة، فقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (ص: الآية: ٥) ولم يرضوا أن يقولوا هذه الكلمة؛ لأنهم عرفوا أنها تعني توحيد العبادة.

والمتكلمون أضلهم كلامهم عن معرفة الإله، فقالوا: إنه القادر على الاختراع، وأن الألوهية هي القدرة، فإذا أقررنا بذلك فهو معنى قوله: {لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} ثم استحوذ عليهم الشيطان، فظنوا أن التوحيدَ لا يتأتى إلا بنفي الصفات، فنفوها، وسموا من أثبتها مجسمًا، ورد عليهم أهل السنة بأدلة كثيرة، منها: أن التوحيد لا يتم إلا بإثبات الصفات، وأن معنى الإله هو المعبود، فإذا كان هو سبحانه متفردًا به عن جميع المخلوقات، وكان هذا وصفًا صحيحًا، لم يكذب الواصف به، فهذا يدل على الصفات، ويدل على العلم العظيم والقدرة العظيمة لرب العالمين -سبحانه وتعالى.

<<  <   >  >>