من أنكر الصفات فهو معطل، والمعطل شر من المشرك، ولهذا كان السلف يسمون التصانيف في إثبات الصفات "كتب التوحيد"، وختم البخاري صحيحه بذلك، قال:"كتاب التوحيد": ثم ذكر الصفات بابًا بابًا، فنكتة المسألة أن المتكلمين يقولون: التوحيد لا يتم إلا بإنكار الصفات، فقال أهل السنة: لا يتم التوحيد إلا بإثبات الصفات، وتوحيدكم هو التعطيل، ولهذا آل القول ببعضهم إلى إنكار الرب -تبارك وتعالى.
ومن المعلوم لدى المسلمين، أن الله تعالى أعلم بنفسه من غيره، فإذا سمى نفسه ووصفها، فذلك هو الفيصل في المسألة، وكذلك رسول الله محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أعلم بالله الذي أرسله مِن غيره، فيصار إلى ما بينه من أسماء الله وصفاته، ولا يُعدل عنه، هذا مع شهادة العقل الصريح لِمَا ثبت بالنقل الصحيح عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- فإن العقل الصريح هو الموافق للرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وهذا هو الميزان مع الكتاب.
وبناءً على ذلك، فإن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يعتقد -كما ذكر هو في بعض أقواله، وقد أشرت إلى بعضها-: أن ما دل عليه القرآن الكريم من الأسماء الحسنى التي سمَّى الله بها نفسه في كتابه، وتعرَّف بها إلى خلقه، يجب أن يثبته الإنسان؛ لأن الله -عز وجل- ذكرها في كتابه، وذلك كاسم الله الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر ... إلى آخر ما ورد في القرآن.
والله -عز وجل- أمرنا بأن ندعوه بها، وأن نترك مَن عارض من الجاهلين الملحدين، قال تعالى:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون}(الأعراف: الآية: ١٨٠).
ومن بيان الله -سبحانه وتعالى- في كتابه أن وصف نفسه، فذكر من صفاته الألوهية والربوبية والمُلك، وذلك في أول سورة في المصحف في سورة الفاتحة، وكذلك ذكر ذلك أيضًا