للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموت، وثبوت العلم يستلزم نفي الجهل، وثبوت القدرة يستلزم نفي العجز، وإن هذا الكمال ثابت له بمقتضى الأدلة العقلية والبراهين اليقينية، مع دلالة السمع على ذلك (١). "ولذلك فإن كل ما نافي صفات الكمال الثابتة لله تعالى فهو منزه عنه لأن ثبوت أحد الضدين يستلزم نفي الآخر كالنقص والعيب والمماثلة للمخلوق، فمثلا: إذا علم أنه قديم قائم بنفسه علم امتناع العدم والحدوث والافتقار.

فكل ما نافي غناه فهو منزه عنه، وكذلك كل ما نافي قدرته وقوته فهو منزه عنه، وكل ما نافي حياته وقيوميته فهو منزه عنه، وهكذا فهذه هي القاعدة العامة في التنزيه لا طريقة نفي التشبيه أو التجسيم التي تناقض فيها المتكلمون كما سبق.

الأمر الثالث: أن ثبوت الكمال له، ونفي النقائص عنه، مما يعلم بالعقل" (٢).

فيجب أن يعلم أن تصريح السمع لا يكفي في النفي أو الإثبات بل هناك لوازم عقلية تتوافق مع الأدلة النقلية فتثبت بمجموعها كمال الصفات الإلهية.

فدلالة القرآن على الأمور نوعان:

أحدهما: خبر الله الصادق، فما أخبر الله ورسوله به فهو حق كما أخبر الله به.

والثاني: دلالة القرآن بضرب الأمثال وبيان الأدلة العقلية الدالة على المطلوب. فهذه دلالة شرعية عقلية؛ فهي [شرعية] لأن الشرع دل عليها، وأرشد إليها؛ و [عقلية] لأنها تعلم صحتها بالعقل.

ولا يقال: إنها لم تعلم إلا بمجرد الخبر. وإذا أخبر الله بالشاء، ودل عليه بالدلالات العقلية، صار مدلولاً عليه بخبره، ومدلولاً عليه بدليله العقلي الذي يعلم به، فيصير ثابتًا بالسمع والعقل، وكلاهما داخل في دلالة القرآن التي تسمى [الدلالة


(١) الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال ١/ ٧ - ٩.
(٢) الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال ١/ ٧ - ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>