للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لضده ولما يستلزم ضده، والعقل يعرف نفي ذلك، كما يعرف إثبات ضده، فإثبات أحد الضدين نفي للآخر ولما يستلزمه.

فطرق العلم بنفي ما ينزه الرب عنه متسعة، لا يحتاج فيها إلى الاقتصار على مجرد نفي التشبيه والتجسيم كما فعله أهل القصور والتقصير، الذين تناقضوا في ذلك وفرّقوا بين المتماثلين، حتى إن كل من أثبت شيئًا احتج عليه من نفاه بأنه يستلزم التشبيه.

الشرح

لفهم هذه المسألة بشكل واضح ودقيق لابد من استعراض الأمور الآتية:

الأمر الأول: يجب أن يعلم أن الكمال ثابت لله، بل الثابت له هو أقصى ما يمكن من الأكملية، بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه إلا وهو ثابت للرب تعالى يستحقه بنفسه المقدسة" (١).

"فالرب تعالى مستحق للكمال مختص به على وجه لا يمثاله فيه شاء، فليس له سَمِيٌّ ولا كُفْؤ، سواء كان الكمال مما لا يثبت منه شاء للمخلوق كربوبية العباد والغنى المطلق ونحو ذلك.

أو كان مما يثبت منه نوع للمخلوق، فالذي يثبت للخالق منه نوع هو أعظم مما يثبت من ذلك للمخلوق، عظمة هي أعظم من فضل أعلى المخلوقات على أدناها" (٢)

الأمر الثاني: أن ثبوت ذلك مستلزم نفي نقيضه؛ فثبوت الحياة يستلزم نفي


(١) الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال ١/ ٧ - ٩.
(٢) الرسالة الأكملية في ما يجب لله من صفات الكمال ١/ ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>