ونفى الشيء من الصفات وغيرها كنفي دليله طريقة طائفة من أهل النظر والخبر. وهي غلط إلا إذا كان الدليل لازما له. فإذا عدم اللازم عدم الملزوم.
وأما جنس الدليل فيجب فيه الطرد، لا العكس. فيلزم من وجود الدليل وجود المدلول عليه، ولا ينعكس (١).
وخلاصة ذلك أن الصفات قد تثبت وتنفى بطريق السمع، ولكن الأمر لا يتوقف على هذا الطريق وحده، وأنه بالإمكان الاستدلال على نفي بعض الصفات وإثبات أخرى، وذلك بالاستدلال بما يقابل النفي، أو بما يضاد الكمال.
فمما ورد في طريقة التنزيه: استعمال بعض النصوص في الدلالة على بعض ما ينفى عن الله وذلك مثل أنه قد علم أنه الصمد، والصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب، فهو منزه عن الأكل والشرب وعن آلات ذلك كالكبد والطحال والمعدة.
وكذلك هو منزه عن الصاحبة والولد وعن آلات ذلك وأسبابه، وكذلك البكاء والحزن هو مستلزم للضعف والعجز الذي ينزه عنه.
وسيأتي في كلام المصنف المزيد من البيان والتوضيح لهذه المسألة.
المتن
قال المصنف رحمه الله: "وأيضًا، فلا بدّ في نفس الأمر من فرق بين ما يثبت له وينفى عنه، فإن الأمور المتماثلة في الجواز والوجوب والامتناع يمتنع اختصاص بعضها دون بعض بالجواز والوجوب والامتناع، فلا بدّ من اختصاص المنفي عن المثبَت بما يخصه بالنفي، ولا بد من اختصاص الثابت عن المنفي بما يخصه بالثبوت.
(١) انظر دقائق التفسير الجامع لتفسير الإمام ابن تيمية ٥/ ٢٥٥ - ٢٥٦.