فإن قال العمدة في التفريق بين وصفه بتلك النقائص وما أثبته من الصفات الخبرية هو السمع أي الشرع، فما أثبته السمع أثبته وما لم يثبته أنفيه.
"قيل له:
فيجاب عليه بجوابين وخلاصتهما كما يلي:
"أولًا: السمع هو خبر الصادق عمّا هو الأمر عليه في نفسه، فما أخبر به الصادق فهو حق من نفي أو إثبات، والخبر دليل على المخبَر عنه"
أي أن الدليل الشرعي هو خبر الصادق عما عليه الأمر فما أخبر به من نفي أو إثبات فهو حق وهو دليل على المخبر به.
"والدليل لا ينعكس، فلا يلزم من عدمه عدم المدلول عليه، فما لم يرد به السمع يجوز أن يكون ثابتًا في نفس الأمر، وإن لم يرد به السمع، إذا لم يكن قد نفاه، ومعلوم أن السمع لم ينف كل هذه الأمور بأسمائها الخاصة،
والدليل لا ينعكس أي إذا انعدم الدليل لا يلزم منه انعدام المدلول، فإذا لم يرد السمع بصفة جاز أن تكون ثابتة في نفسها مالم يكن نفاها السمع، ومعلوم أن السمع لم ينف الصفات بأسمائها الخاصة؛ فلم يقل إن الله لا يبكي ولا يأكل ونحو ذلك مما نقطع جميعا ببطلانه.
"فلا بد من ذكر ما ينفيها من السمع، وإلا فلا يجوز حينئذ نفيها، كما لا يجوز إثباتها".
أي لابد من أمر يوجب ينفي ما يجب نفيه عن الله وما يجب إثباته لله (١).
فلا يجوز الاكتفاء فيما ينزه الرب عنه على عدم ورود السمع والخبر به، فيقال:
(١) التوضيحات الأثرية على متن الرسالة التدمرية ٢/ ٣٤١ - ٣٤٢.