للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبيض من الأسود، فلما جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن قفاك لعريض ألم يقل من الفجر» (١)، فبين له أن المعنى هنا بياض النهار وسواد الليل.

فيقع التباس وعدم قدرة على الفهم من جهة المعنى.

النوع الثاني: التشابه مطلق: وهو الذي يخفى على كل احد.

وهذا يقع إذا كان الأمر يتعلق بالكيفية ككيفية صفات الله عز وجل، فنحن لا نعلم كيفية نزوله، ولا كيفية استوائه، فلا سبيل لأن نعلم هذه الكيفيات فهي أمورٌ لا تبلغها عقولنا، فما جاء النص بما يصادم العقل، لكن قد يأتي النص بما لم يبلغه العقل، وما لم يصل إليه عقل الإنسان. فما كان متعلقاً بالكيف فليس لك إليه سبيل؛ لأنه محجوبٌ عنك، وكما قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: ٣٦]، فليس لك أن تتخوض أو تخوض في شأن الكيف ولا سبيل لك إليها.

مثال ذلك: آيات الصفات.

وقد انقسم الناس في آيات الصفات هل هي من المتشابه إلى فريقين:

فريقٌ أطلق ولم يصب، فقال: آيات الصفات من المتشابه.

وفريق آخر من المحققين-وعلى رأس القائمة شيخ الإسلام ابن تيمية-قالوا: آيات الصفات من جهة المعاني ليست من المتشابه؛ لأن معانيها معروفة.

وأما كيفية الصفة فهذا من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.


(١) انظر صحيح البخاري كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧]، برقم (١٩١٦)، ومسلم كِتَاب الصِّيَامِ، بَابُ بَيَانِ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّوْمِ يَحْصُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ … برقم (١٠٩٠)، والترمذي (٢٩٧٠)، والنسائي (٢١٦٩)، والإمام أحمد في المسند أَوَّلُ مُسْنَدِ الْكُوفِيِّينَ (١٩٣٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>