للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغالبة، والله لا يغالبه أحد ولا يعلوه أحد، وهو الواحد الصمد، ومن حق الكلام أن يحمل على حقيقته حتى تتفق الأمة أنه أريد به المجاز، إذ لا سبيل إلى اتباع ما أنزل إلينا من ربنا إلا على ذلك، وإنما يوجه كلام الله إلى الأشهر والأظهر من وجوهه ما لم يمنع من ذلك ما يجب له التسليم. ولو ساغ ادعاء المجاز لكل مدع ما ثبت شيء من العبارات، وجل الله عز وجل أن يخاطب إلا بما تفهمه العرب في معهود مخاطبتها، مما يصح معناه عند السامعين، والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه. قال أبو عبيدة في قوله تعالى {اسْتَوَى} قال: وتقول العرب استويت فوق الدابة واستويت فوق البيت، وقال غيره: استوى: أي انتهى شبابه واستقر فلم يكن في شبابه مزيد" (١).

وأما ما استدل به المعطلة من قول ابن عباس رضي الله عنهما فقد بين ابن عبد البر أنه مكذوب على ابن عباس ورواته مجهولون وضعفاء كما تقدم ذكره.

القول الثاني:

أن معنى استوى: أقبل على خلق العرش وعمد إلى خلقه كقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان} [فصلت ١١]، أي عمد إلى خلق السماء.

وهذا هو قول بعض الجهمية (٢)، وإليه ذهب الفراء، والأشعري، وابن الضرير، واختاره الثعلبي (٣).

الرد عليهم:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الوجه من أضعف الوجوه، فإنه قد أخبر أن


(١) التمهيد (٧/ ١٣١).
(٢) مختصر الصواعق (٢/ ١٢٦).
(٣) انظر الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (٢/ ٨ - ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>