للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استولى إلا في حق من كان عاجزاً ثم ظهر، والله سبحانه لا يعجزه شيء والعرش لا يغالبه في حال، فامتنع أن يكون بمعنى استولى.

وقد روي عن أبي العباس ثعلب أنه قال: "استوى: أقبل عليه وإن لم يكن معوجاً، {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} [البقرة ٢٩]، و {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش}: علا، واستوى الوجه: اتصل، واستوى القمر: امتلأ، واستوى زيد وعمرو: تشابها واستوى فعلاهما وإن لم تتشابه شخوصهما، هذا الذي نعرفه من كلام العرب" (١).

فبما تقدم من أقوال علماء اللغة يتضح لنا فساد زعم هؤلاء المعطلة وكذب ادعائهم بأن هذا القول مشهور في اللغة.

وأما ما استدل به هؤلاء من أبيات، كقول الشاعر:

قد استوى بشر على العراق … من غير سيف ولا دم مهراق

وقول آخر:

هما استويا بفضلهما جميعاً … على عرش الملوك بغير زور

فهذان البيتان لم يثبت نقل صحيح على أنهما شعر عربي، وكان غير واحد من أئمة اللغة أنكروهما.

قال ابن فارس: "هذان البيتان لا يعرف قائلهما" (٢).

فهما على هذا بيتان مصنوعان، ومعلوم أنه لو احتج بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحتاج إلى صحته، فكيف ببيت من الشعر لا يعرف إسناده وقد طعن فيه أئمة اللغة.

قال أبو عمر بن عبد البر: "وأما ادعائهم المجاز في الاستواء وقولهم في تأويل استوى: استولى، فلا معنى له لأنه غير ظاهر في اللغة، ومعنى الاستيلاء في اللغة


(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي (٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠).
(٢) زاد المسير لابن الجوزي.

<<  <  ج: ص:  >  >>