للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَرْيَمَ الآية: ٦٥]، وهؤلاء الملاحدة جاءوا بنفي مفصل وإثبات مجمل فقالوا في النفي ليس بكذا ولا كذا ولا كذا فلا يقرب من شيء ولا يقرب منه شيء ولا يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة ولا له كلام يقوم به ولا له حياة ولا علم ولا قدرة ولا غير ذلك ولا يشار إليه ولا يتعين ولا هو مباين للعالم ولا حال فيه ولا داخلة ولا خارجة إلى أمثال العبارات السلبية التي لا تنطبق إلا على المعدوم ثم قالوا في الإثبات هو وجود مطلق أو وجود مقيد بالأمور السلبية وقالوا لا نقول موجود ولا معدوم أو قالوا هو لا موجود ولا معدوم فتارة يرفعون النقيضين وتارة يمتنعون من إثبات أحد النقيضين ثم تارة يسلكون هذا المسلك في نفي الموجود وتارة فيما يوصف به الموجود من الحياة والعلم والقدرة والكلام وسائر الصفات فنفوا الحقيقة وصاروا يعبرون عن المعاني الثبوتية بأنها تركيب كما تقدم وقد ذكرنا أن تسمية هذا تركيبا أمر اصطلحوا عليه وإلا فإثبات هذه المعاني لا يسمى في اللغة المعروفة تركيبا فإن المركب لا يعقل إلا فيما ركبه مركب وهذا المعنى ممتنع فيما هو موجود بنفسه غني عن كل ما سواه وهو الفاعل لكل ما سواه وكل ما سواه مخلوق له فإذا قدر أنه متصف بصفات متعددة لم يكن أحد ركبه ولا ركبها فيه والناس قد تنازعوا في الأجسام المخلوقة كالكواكب والفلك والهواء والماء وغير ذلك فقيل هي مركبة من الجواهر المنفردة وقيل مركبة من المادة والصورة ومنه من فرق بين الجسم الفلكي والعنصري والصواب عند محققي الطوائف أنها ليست مركبة لا من هذا ولا من هذا وهذا قول أكثر أهل الطوائف أهل النظر مثل الهشامية والضرارية والنجارية والكلابية وطائفة من الكرامية وغيرهم

وقد تنازع الناس في الجسم هل يقبل القسمة إلى غاية محدودة هي الجوهر الفرد أو يقبل القسمة إلى غير غاية أو يقبل القسمة إلى غاية من غير إثبات الجوهر

<<  <  ج: ص:  >  >>