للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونكتفي بهذين المثلين الواضحين للتدليل على ما يستهدف له الناشر من أخطاء، عندما يكون غير مختص بموضوع الكتاب الذي ينشر، كما رأيناه يستهدف للأخطاء اللغوية التي لا شك فيها ولا مفر من إصلاحها، عندما يكون إلمامه باللغة قاصرا.

الآن ننتقل إلى المسألة الأخيرة التي نريد أن نتحدث عنها، وهي الروح العلمية، وأكبر ظننا أن جميع القراء سيقروننا على مبدأين كبيرين يجب أن يتصف بهما العالم أولهما التواضع، وثانيهما إعطاء كل ذي حق حقه من الزملاء المعاصرين والعلماء السابقين على السواء.

فأما عن التواضع فإنه لمما يؤسفنا أن نلاحظ أن الدكتور سوريال كان أحرص مما يجب على إظهار مجهوده وقيادة القارئ إليه قسرا. وفي الكتاب أدلة يلمسها القارئ في يسر، فالناشر مثلا يقول في مقدمته عن حياة المؤلف: وأول شيء يدهش الباحث في أمرها هو خلو أغلب كتب التاريخ الأدبي من الكلام فيها والعلم بها، حتى أن "دائرة المعارف الإسلامية" المنشورة بمدينة ليدن نفسها -وهي أعظم الموسوعات في تاريخ الدراسات الإسلامية- لم تحو شيئا عن ابن مماتي؛ لهذا توجهنا إلى التنقيب في المراجع القديمة من كتب الطبقات. ووفقنا في النهاية إلى العثور على شذرات عن حياته في "وفيات الأعيان" لابن خلكان، وفي "عقد الجمان" للعيني، وفي "المواعظ والاعتبارات" للمقريزي، ولكن كل هذا لا يقارن بما ورد عن سيرته في كتاب "إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، من تصنيف ياقوت الرومي لناشره المرحوم الأستاذ س. مرجوليوث". ومن الغريب حقا أن يشير الناشر إلى "التنقيب" وإلى "التوفيق إلى العثور في النهاية" على ترجمة لابن مماتي، مع أنه وارد في معجم ياقوت، وهذا المعجم في متناول الأيدي، وخصوصا بعد طبعة الدكتور فريد رفاعي، وهي أول ما يتجه إليه كل باحث عن التراجم، ثم نرى الناشر ينقل ترجمة ابن مماتي عن ياقوت وعن ابن خلكان إحداهما في إثر الأخرى، ونتساءل عما يدعوه إلى ذلك، وكتابا ياقوت وابن خلكان يملآن المكاتب، وهلا يرى الناشر الفاضل أننا نطمع في خير مما فعل؟ نطمع في دراسة نقدية تحليلية لهذه النصوص. واستنباط ما تجمع عليه من حقائق، مع الاكتفاء بالإشارة إلى المكان أو إيراد ما يستدل به من النصوص.

وكما يبتدئ الكتاب بهذه الروح المسرفة في إظهار الجهد حيث لا جهد، كذلك ينتهي الكتاب لسوء الحظ، فقد أورد في نهايته ثبتا سماه فهرس الاصطلاحات والألفاظ المستعصية، وننظر في هذا الفهرس فنجد إما ألفاظا أساء الناشر

<<  <   >  >>