عن ترميمها الضروري حتى لا تنهار. ولإصلاح النص في الحدود التي بيناها فيما سبق لا بد للناشر من نوعين من المعلومات:
١- معرفة لغة الكتاب معرفة فقهية.
٢- معرفة مادة الكتاب معرفة تخصص.
ونحن على تمام الثقة من أنه إذا امتلك هذين النوعين من المعرفة لن يحتاج إلى نشر الكتاب بأخطائه محافظة على أسلوبه الأثري.
ونحن مع احترامنا للأستاذ سوريال ومع اعترافنا بما أدى من خدمات لتاريخ العصور الوسطى في الغرب. ونلاحظ لسوء الحظ أنه لا يمتلك نوعي المعرفة اللذين أشرنا إليهما فيما سبق. ولا أدل على عدم تمكنه من اللغة العربية من أنه حتى في نسخه لترجمة ابن مماتي عن معجم ياقوت قد أخطأ في عشرات المواضع. ولنضرب لذلك أمثلة:"قوله ص٩: قد تتوق فيها وأجيد، وصوابها تُفُوِّق فيهما وأجيد، وص١٤ إحدى عشرة مرة: وصوابها إحدى عشرة مرة، وص١٦: حُباب الحميا، وصوابها حَباب الحميا"، ثم كل تلك الأخطاء الواردة فيما ينقل من أشعار ابن مماتي، والتي لا يستقيم الوزن دونها إصلاحها، كقوله ص١٧:
ورأى أن يرسل الأسهم بالبرد فراشا
وصوابه بالبرد. وقوله ص١٧ أيضا:
وأنست الصبي الصبا وأذكرت جهنما
وصوابه: وأنست الصبا الصبا.
وقوله ص١٨:
قل لي أنهاك ... عن مجيئك نهاك
وصوابه عن مجيك. وأمثال ذلك كثير.
وأما عن عدم إلمامه بموضوع الكتاب إلمام تخصص؛ فذلك ما يقوله الأستاذ الفاضل نفسه في مقدمته، حيث تقرأ ص٤٣:"ولكننا لم نتعرض للشرح والتعليق على الموضوعات الفنية التي تصدى لها المؤلف.. معتمدين على الأخصائيين في إصدار مباحثهم في صدد مختلف الموضوعات في ملاحق خاصة".
ولعمري إذا كان المؤلف لا يجيد اللغة العربية، ولا هو متخصص في تاريخ العصور الوسطى في الشرق. فلماذا إذن يحرص على نشر هذ الكتاب؟! وقد كانت النتيجة أنه لم يستطع أن يعطينا نصا يمكن فهمه، ومن الواضح أننا لا نطالبه بأن يضع التعليقات الفنية في هوامش طبعته، فمن العلماء من يفضلون نشر تلك التعليقات في ملحقات خاصة، ولعله يرى هذا الرأي، ولكننا نجزم بأن نشر أي كتاب نشرا صحيحا لا يمكن بغير البحث عما يعالج من موضوعات فنية، وفهم