للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وفد تجيب]

٦٧٦- قلنا إن البلاد العربية قد دخلها الإسلام عندما أعلنت للجميع حقائقه، وعرفوا خصائصه، وزالت غشاوة الوثنية عن نفوسهم، إذ العرب فى جاهليتهم كانوا أقرب إلى التوحيد من غيرهم لأنهم يعرفون الله تعالى وفيهم بقية ملة أبيهم إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

كان وفد تجيب خير وفد جاء إلى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، كما ذكر ذلك عليه الصلاة والسلام، فقد جاء مسلما منفذا لأوامر الإسلام، مجتنبا نواهيه.

جاء بالصدقات، بما فضل من فقرائهم، ولقد قال فيهم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم «إن الهدى بيد الله فمن أراد الله به خيرا شرح صدره للإسلام» ، وقال أبو بكر صديق هذه الأمة. يا رسول الله، ما وفد من العرب بمثل ما وفد به هذا الحى من تجيب.

أخذوا يسألون النبى صلى الله تعالى عليه وسلم عن القرآن الكريم وعن السنن، ويسألونه عن أحكام تفصيلية فكتب لهم بها.

ولم يطيلوا الإقامة، فقيل لهم: ما يعجلكم؟ قالوا: نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وكلامنا إياه. وما رد به علينا.

ولقد أمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن يحسن ضيافتهم.

ولما هموا بالسفر ذهبوا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ليودعوه فأرسل بلالا ليعطيهم جوائز من مال الرسول صلي الله تعالي عليه وسلم من خمس خمسه من الغنائم، فقد جعله عليه الصلاة والسلام للدعوة، وما كانت هذه الجوائز من قبيل اعطاء المؤلفة قلوبهم، فأولئك قد جاؤا مؤلفين للإسلام من تلقاء أنفسهم، إنما هذه الجوائز أعطيت رمزا لمحبة رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم ومرضاته.

وبعد أن أعطي الجوائز لهم واحدا واحدا، قال الرسول صلي الله تعالي عليه وسلم «ألم يبق منكم أحد؟» قالوا: غلام خلفناه علي ركابنا.

جاء الغلام إلي رسول الله صلي الله تعالي عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إني امرؤ من الرهط الذين أتوك آنفا، فقضيت حوائجهم، فاقض حاجتي يا رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام: وما حاجتك؟

قال الغلام: حاجتي ليست كحاجة أصحابي وإن كانوا قد قدموا راغبين في الإسلام، وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم، وإنى والله ما أعجلني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني، وأن يجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>