فلقى عمر بن الخطاب عليا، فقال له:«هنيئا لك أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة» وقد روى حديث من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
رواه أصحاب السنن الأربع والإمام أحمد بطرق صحيحة.
فكان حقا أن يكون أولى أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وقد بينا ذلك فيما مضى، وبينا أنه مع صحته لا يدل على أنه أولى بالخلافة من الشيخين أبى بكر وعمر، فالخلافة تقتضى النظر إلى أمور كثيرة، يصح أن يكون بعضها محبة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ولكن ليست كلها، فمحبة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم لا تجعل غيره ليس أهلا للخلافة. والله تعالى أعلم.
[الوداع بعد التمام]
٧١٦- نزل قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً قال الرواة فى الصحاح، إن نزولها كان والمسلمون واقفون بعرفة يوم الجمعة، فلما سمعها عمر بكى فقيل له ما يبكيك؟ قال ما بعد الكمال إلا النقصان، والنقصان هو وداع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الدنيا، وكأنه فهم رضى الله عنه بعقله المدرك وبصيرته النافذة. أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بلغ رسالة ربه، وأنه إذ بلغها، فلم يبق إلا أن يذهب إلى ربه وقد أدى واجبه وبلغ وأنذر وبشر وعلم الناس علم الشريعة، وعلم القرآن الكريم.
وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم علم بعلم ربه أنه قد آن الوداع فكان فى خطبه فى الحج: لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا.
ولقد نزل وسط أيام التشريق سورة النصر: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً وقالوا إن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد عرف إنه الوداع وقد فسر ابن عباس فى حضرة جمع من الصحابة بأن السورة تدل على أجل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ووافق عليه عمر رضى الله عنه، ولم يعترض عليه أحد، وذلك بطريق الإشارة أو التظنن لأنه إذا تم النصر، وعم الاسلام فقد آن أوان المفارقة.
وإن آيات القرآن الكريم تدل على أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم مبعثه وحياته لأجل محدود، وأنه ليس بمخلد وأن وفاته كغيره من البشر أقرب إليه من حبل الوريد لبشره.