المحاربون أو قطاع الطريق ناس يخرجون متفقين على القتل أو السرقة، وتكون لهم قوة يقاومون بها الدولة إفسادا من غير تأويل يتأولونه، بل سعيا بالشر والإفساد، ونرى ما يراه المالكية أنه لا تقتصر جرائم الحرابة على القتل والسرقة، بل تشمل كل المعاصى، كالزنا وشرب الخمر، ويدخل فيها كل المخدرات سواء أكانت سائلة أم جامدة، وسواء أكانت تتناول بالشرب أم بالتدخين.
وسواء أكانت هذه القوة التى يكونها المحاربون في مدينة أم غير مدينة ماداموا يستطيعون أن يقوموا بجرائمهم بعيدين عن أن يجاب المستغيث إذا استغاث، وللفقهاء كلام وخلاف في هذا المقام.
ويعد من المحاربين الجماعة التى تنفق على ارتكاب جرائمها. بطريق الغيلة وذلك في رأى مالك، والنص القرآنى يحتمل ذلك كله.
والعقوبات المقررة، هى القتل، والصلب، وتقطيع الأيدى والأرجل من خلاف والنفى من الأرض بالإبعاد في مكان ناء لا يستطيعون فيه ارتكاب جرائمهم. وعد الإمام أبو حنيفة أن من النفى السجن، لأن المقصود منع اجتماعهم.
وأكثر الفقهاء أن الإمام العادل يضع العقوبة على قدر الجريمة: فإن تولوا القتل قتلوا ولا فرق بين من باشره، ومن لم يباشره، لأن من لم يباشره كان معينا مع من باشره.
وإذا سرقوا وقتلوا، قتلوا وصلبوا، ويستوى في العقوبة المباشر وغير المباشر.
وإذا سرقوا وانتهبوا الأموال ولم يقتلوا فإنه تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، فإذا قطعت اليد اليمنى، يقطع معها الرجل اليسرى.
وإذا كانوا قد اتفقوا وهموا بالشر، ولكن لم يمكنوا فإن العقوبة تكون النفى، بتفريقهم بعيدا عن مكان تجمعهم.
هذا ما اختاره جمهور الفقهاء تابعين للتابعين في أقوالهم، ومن الصحابة عبد الله بن عباس رضى الله عنهما.
ويرى الإمام مالك رضى الله عنه أن الإمام مخير في هذه العقوبة أيا كانت الجريمة التى ارتكبوها، لأن الجريمة الأصلية هى الاتفاق على ارتكاب هذه المعاصى، ولو لم يمكنوا من تنفيذ إحداها، والإمام ينظر إلى ما هو الأنجع في ردعهم.