على ابن إسحاق، كما قال الشافعى رضى الله تبارك وتعالى عنه:«الناس عيال في السيرة على محمد بن إسحق» .
علم النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن بنى المصطلق يجمعون الجموع له، وهم من خزاعة، وعلى منهاج النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أنه إذا تأكد أن قوما يريدون الإغارة عليهم بادرهم قبل أن يبادروه، فإنه ما غزى قوم في عقر دارهم إلا ذلوا.
أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على المدينة المنورة أباذر الغفارى وخرج إليهم كما يقول الواقدى في سبعمائة من أصحابه، حتى التقى في ماء عندهم يسمى المريسيع.
وكان لواء المهاجرين مع أبى بكر الصديق، ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة، وقيل كان لواء المهاجرين مع عمار بن ياسر.
وأمر النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أن ينادى فيهم فنادى أن قولوا لا إله إلا الله تمنعوا وأموالكم فأبوا إلا القتال.
فقاتلهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بجيش المؤمنين فما أفلت منهم، فقتل منهم عشرة، وأسر سائرهم وسبى نساءهم.
وقد حدث في هذه الغزوة أن رجلا من المؤمنين اسمه هشام بن صبابة أصابه رجل من الأنصار وهو يظن أنه مباح الدم من الأعداء.
كان ذلك القتل خطأ فكان له دية مسلمة إلى أهله، وقد وداه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم.
فجاء أخوه مقيس بن صبابة من مكة المكرمة مظهرا الإسلام، فطالب بالدية فأعطاه الرسول الدية، وأقام مع المؤمنين حتى تمكن من قتل قاتل أخيه، مع أن القتل كان خطأ، ثم عاد مرتدا إلى مكة المكرمة، وبذلك ارتكب جريمتين: أما الجريمة الأولى: فهى أنه قتل بعد أن أخذ الدية، والقتل كان خطأ فلا قصاص وأخذ الثأر معتديا آثما.
والجريمة الثانية أنه ارتد بعد إسلام أظهره.
ولهاتين الجريمتين كان يستحق إباحة دمه وإحداهما تسوغ قتله.
ولذلك أباح النبى صلى الله تعالى عليه وسلم دمه، ولذلك كان من الذين أهدر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم فتح مكة المكرمة دماءهم، وإن تعلقوا بأستار الكعبة.