وأخرج البغويّ، وابن السّكن، من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن أم أيمن- وكانت حاضنة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم أنّ النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قال لبعض أهله:«إيّاك والخمر ... » الحديث.
قال ابن السكن: هذا مرسل.
وأخرج البخاريّ في «تاريخه» ومسلم، وابن السّكن، من طريق الزّهري، قال: كان من شأن أم أيمن أنها كانت وصيفة لعبد اللَّه بن عبد المطّلب والد النّبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم بعد ما توفي أبوه كانت أمّ أيمن تحضنه حتى كبر، ثم أنكحها زيد بن حارثة- لفظ ابن السّكن.
وأخرج أحمد، والبخاريّ أيضا، وابن سعد، من طريق سليمان التيميّ عن أنس- أن الرجل كان يجعل للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم النخلات حتى فتحت عليه قريظة والنّضير، فجعل يردّ بعد ذلك، فكلمني أهلي أن أسأله الّذي كانوا أعطوه أو بعضه، وكان أعطاه لأم أيمن، فسألته فأعطانيه، فجاءت أم أيمن فجعلت تلوّح بالثّوب وتقول: كلا واللَّه لا يعطيكهن، وقد أعطانيهن، فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم:«لك كذا وكذا» . وتقول:
كلّا حتى أعطاها، حسبته قال: عشرة أمثاله أو قريبا من عشرة أمثاله.
وأخرج ابن السّكن، من طريق عبد الملك بن حصين، عن نافع بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن أم أيمن، قالت: كان للنبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فخّارة يبول فيها باللّيل، فكنت إذا أصبحت صببتها، فنمت ليلة وأنا عطشانة، فغلطت فشربتها، فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم فقال:«إنّك لا تشتكين بطنك بعد هذا» .
قلت: وهذا يحتمل أن تكون قصّة أخرى غير القصّة التي اتفقت لبركة خادم أم حبيبة كما تقدّم في ترجمتها، لكن ادّعى ابن السّكن أنّ بركة خادم أم حبيبة كانت تكنى أيضا أم أيمن أخذا من هذا الحديث، والعلم عند اللَّه تعالى.
وأسند ابن السّكن، من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: كان النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم يدخل على أم أيمن فقرّبت إليه لبنا فإمّا كان صائما وإما قال:
«لا أريد» ، فأقبلت تضاحكه، فلما كان بعد وفاة النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم قال أبو بكر لعمر: انطلق بنا نزر أم أيمن كما كان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم يزورها، فلما دخلا عليها بكت، فقالا: ما يبكيك؟ فما عند اللَّه خير لرسوله.
قالت: أبكي أنّ وحي السماء انقطع، فهيّجتهما على البكاء، فجعلت تبكي، ويبكيان معها.