محمدًا كما كذب أُولَئِكَ الذين من قبلهم فينزل بهم العذاب والهلاك كما أنزل بأُولَئِكَ، بقوله لنبيه:(هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ)، أي: هل ترى وتبصر منهم أحدًا، أي: لا ترى ولا تبصر منهم أحدًا (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا)، قيل: صوتًا، وقيل: ذكرًا، أي: لا يذكرون بعد هلاكهم إلا بسوء، يحذر أهل مكة؛ لئلا يكذبوا رسولهم كما كذب الذين من قبلهم الرسل فيكونون كما كان أُولَئِكَ وصاروا مثلهم.
قَالَ الْقُتَبِيُّ: اللد: جمع ألد، وهو الخصم الجدل، والركز: الصوت الذي لا يفهم.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: الألد: هو شديد الخصومة (هَلْ تُحِسُّ): هل تراه (رِكْزًا) أي: ذكرًا، والركز -أيضًا- الصوت وقال:(هَدًّا): صوتًا إذا انهدمت.
وقال أبو معاذ: وللعرب في البشرى ثلاث لغات: بَشَرته بالتخفيف فأنا أبشره، وَبَشَّرْتُهُ بالتشديد فأنا مُبَشِّره وأبْشَرْتُهُ فأنا مُبشِّرُهُ والرجل مَبشُور ومُبَشَّرٌ.
وقوله:(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا)، أي: وحده ليس معه من دنياه شيء.
وقال الحسن:(قَوْمًا لُدًّا)، صُمًّا: صم آذان القلوب، وقَالَ بَعْضُهُمْ: فُجَّارًا، وقيل: عوجًا عن الحق، وأصله ما تقدم ذكره، واللَّه الموفق وبه نستعين.