قال الحسن وغيره: أوحينا إليهم وأخبرناهم وأعلمناهم في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قضينا عليهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كتبنا عليهم فكيفما كان، ففيه نقض قول المعتزلة؛ لأنه أخبر: أنه أخبرهم وأعلمهم؛ على تأويل من زعم أن القضاء - هاهنا - هو الإعلام والإخبار لهم؛ فيقال لهم: كان أخبرهم وأعلمهم؛ ليصدق في خبره أوْ لا: فإن كان أخبرهم ليصدق في خبره - فذلك منه حكم أنهم: ليفسدن في الأرض مرتين؛ فإن كان تأويل القضاء: الكتاب والحكم، فهو ظاهر، وهو ما نقول: إن كل فاعلٍ فعلًا طاعة كانت أو معصية - كان بحكمه.
ثم من سأل آخر عن المعصية أنها كانت بقضاء اللَّه؛ فلا يجب أن يجاب له على الإطلاق: بـ (نعم) أو ب (لا)، إلا أن يبين أنه ما يريد بالقضاء وما يفهم منه؛ لأن القضاء يتوجه إلى وجوه:
يرجع إلى الخلق؛ كقوله:(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ)، أي: خلقهن.
ولم يعرف القضاء: الحمل والدفع؛ على ما يقوله المعتزلة، ونحوه، فلا يجاب على الإطلاق إلا أن يبيِّن أنه ما أراد بالقضاء؟ فإن أراد بالقضاء: الحكم: فعند ذلك يقال: نعم، كان بقضائه وحكمه، وليس فيما قضى وحكم دفعه في المعصية.
ثم اختلف في قوله: مرتين:
قَالَ بَعْضُهُمْ من أهل التأويل: إن بني إسرائيل عصو ربهم؛ فسلط اللَّه عليهم