وكيف لا تسألون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن حالهم وهو بين أظهركم؟! كقوله - تعالى -: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ. . .) الآية، وظهور نفاقهم يحتمل الخبر منه نصًّا أنهم منافقون.
ويحتمل الظهور بالاستدلال على أفعالهم، وقد يوقف على حال المرء بفعله أنه كافر أو مؤمن.
قال الكسائي: فيه لغتان؛ يقال: أركسته في أمر كذا وكذا وركسته، وارتكس الرجل: إذا وقع فيه ورجع إليه.
وقيل في حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وحفصة - رضي اللَّه عنها -: " واللَّه ركسهم بما كسبوا ".
ثم قيل: أركسهم: أي ردهم.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا) قال: أوقعهم.
ثم يحتمل قوله - تعالى -: (أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا) وجهين:
ما أظهروا بما كان في قلوبهم من النفاق والخلاف لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ كقوله - تعالى -: (بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ).
ويحتمل: ابتداء كسب كسبوا بعد ما أسلموا، أي: كفروا وارتدوا عن الإسلام بعد ما صح إسلامهم.
وفي إضافة ارتكاسهم إلى اللَّه دلالة خلق فعلهم وحرمان أمر يملكه، واللَّه أعلم بما كسبوا من إحداث شرك، أو بكسبهم بالقلوب وقت إظهارهم الإيمان في أن ظهر عليهم بلحوقهم إخوانهم من الكفرة، أو لما جعل اللَّه من أعلام النفاق التي ظهرت بغرض الجهاد والعبادات، واللَّه أعلم.