تعالى -: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)، أمر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - بالاستعداد للعدو، والإعداد له، وألا يوكل الأمر في ذلك إلى اللَّه دون الإعداد للعدو.
وقيل: لقاؤه، وإن كان يقدر على نصر أوليائه وقهر عدوه من غير الأمر بالقتال معهم؛ إذ في ذلك محنة امتحنهم بها؛ فعلى ذلك أمرهم بالإعداد للعدو، وأخذ الحذر لهم، وذلك أسباب تعد قبل لقائهم إياه.
وفيه دلالة تعلم آداب الحرب قبل لقاء العدو؛ ليحترس منه.
وفيه دلالة إباحة الكسب؛ لأنه فرض عليهم الجهاد، وأمر بالإعداد له؛ ليحترس من العدو، ولا يوصل إلى ذلك إلا بالكسب، واللَّه أعلم.
وفي قوله -أيضًا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) أي: ما تحذرون به عدوكم، وما تحذرونه وجوه: منها: الأسلحة، ومنها: البنيان، ومنها: النّكْر عند الالتقاء، والثبات، وذكر اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - كما قال:(فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا)، وفي هذا الأمر بالإعداد للعدو قبل اللقاء، وأيد ذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)، وكذلك قوله:(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)، فيكون الأمر بالإعداد قبل وقت الحاجة دليل جواز الكسب لحاجات تجددت، وأن الاستعداد للحاجات ليس برغبة في الدنيا؛ إذ لم يكن الإعداد فشل ولا ترك التوكل، على أن الجوع وحاجات النفس تعين وتلقي العدو، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه.