كل إعطاء ومنع، وتفريق وجمع، وعزل وولاية، ونهاية كل نهي وأمر وما لها من غاية، وربّها من الملك كالرّوح الباصرة من العين، واللسان المعبّر عن كلّ زين وشين؛ وحسبه أنه في المحلّ من ذات اليمين، ومن مكانة التمكّن في الحرز الحصين؛ ولهذا لا يؤهّل لها إلا من انعقد على سؤدده الإجماع، وانقطعت دون لحاق شرفه الأطماع، وتأصّل في فخارها وتفرّع، وقام بفروض كفاية كفالتها وتطوّع، وسار حديث مناقبه في الآفاق، وجاء بالاختيار والاختبار بالوفاق، وحسن صورة ومعنى، وتعدّدت مناقبه فدلّت على أنه الفرد إذا اتّسقت عقوده مثنى مثنى. وكان المجلس العاليّ الفلانيّ ربّ حوزتها وسريرها، وروح بصر مرتمق هذه المحامد وإليه أمر مصيرها، والذي حكمت له السيادة بمنالها وحكّمته، وأوضحت بأصالتها وجه الصواب في اختياره لها وأحكمته، وقد حاز من متفرّق لوازمها ما تفرّق فيمن سواه، وحوى من أدواتها ما دلّ على أنّ الله خلقه فسوّاه؛ إن قال فالصواب موكّل بمنطقه، أو صمت فعظم مهابته قائم مقامه بجميل الخلق لا تخلّقه؛ قد جمع إلى التواضع فرط المهابة، وإلى الابتداء بالمعروف حسن الإجابة؛ إن ذكرت الصّدارة فهو مالك زمامها، أو الرّياسة فهو غرّة لثامها، أو الكفالة فهو مصرّف عنانها، أو الوزارة فهو عين أعيانها؛ لم تزل رتبتها متشوّقة لحلوله، ممهّدة لشريف تأهيله.
ولما تحلّى منها بهذه الحلى، وسار حديث ملاءته بتخويلها في الملا، وتلا لسان القلم سور هذه المحاسن وتلا الثاني بالأوّل منها إذا تلا، رسم بالأمر العاليّ- أمتعه الله بما وهبه من حسن مؤازرته، وشدّ عضد مملكته بالإمتاع بربح حسن معاملته لله وله ولمتاجرته- أن تفوّض الوزارة المفخّمة، المكرّمة المبجّلة المعظّمة، للمشار إليه: تفويضا عامّا للقريب من مصالحها والبعيد، والطارف والتليد، والمقيم والنازح، والغادي والرائح، والسانح والبارح، والباغم والصادح «١»