وراقب الله فيما ألقاه إليك فقد فوّض إليك مقاليد البسط والقبض، والرفع والخفض، والولاية والعزل، والقطع والوصل، والتولية والتصريف والصّرف، والإمضاء والوقف، والغضّ والتّنبيه، والإخمال والتّنويه، والإعزاز والإذلال، والإساءة والإجمال، والإبداء والإعادة، والنقص والزّيادة، والإنعام والإرغام، وكل ما تحدثه تصاريف الأيام، وتقتضيه مطالب الأنام؛ فهو إليك مردود، وفيما عدق بنظرك معدود.
وأمّا العدل ومدّ رواقه، وإقامة مواسمه وأسواقه، والإنصاف واتباع محجّته، والاعتماد على أحكامه وأقضيته، وكفّ عوادي الجور والمظالم، وحمل الأمر على قصد التصاحب والتّسالم، وإظهار شعار الدّين، في إنصاف المتداعين إلى الشرع المتحاكمين، والدعوة الهادية «١» وفتح أبوابها للمستجيبين، وإعزاز من يتمسّك بها من كافّة المؤمنين، والأموال والنظر فيها، والأعمال أقاصيها وأدانيها، فكلّ ذلك محرّر في تقليد وزارتك الأوّل، وأنت أولى من حافظ على العمل به وأكمل.
وأمّا أمراء الدولة الأكابر، وصدورها الأماثل، وأمراؤها الأعيان، وأولياؤها الذين بسيوفهم تقام دعائم الإيمان، فأنت شفيعهم في كلّ مكان، ومعينهم الذي يبذل جهده بغاية الإمكان، والجاهد لهم في النّفع والصّلاح، والحريص على دفع ما يلمّ بكلّ منهم من الضّرر والاجتياح؛ وما زلت لهم في الأغراض بحضرة أمير المؤمنين مساعدا، وعلى ما يبلّغهم الآراب حريصا جاهدا، وتخصّهم دائما بعنايتك، وتمدّهم برعايتك، وتعمل لهم في الحاجات صائب رأيك؛ فأجرهم على ما ألفوه من الاعتناء والإجمال، وبلّغهم من محافظتك نهايات الآمال، فهم أبناء الملاحم، ومصطلو لهب الجمر الجاحم «٢» ؛ ومصافحو الصّفاح، المرهفة