للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبضات سوى النّصول، فإنها أبلغ في الغاية، وأنفذ في الدّروع، وأشكّ في الحديد، سامطين حقائبهم على متون خيولهم، مستخفّين من الآلة والأمتعة والزاد [إلا ما لا غناء بهم عنه] «١» .

واحذر أن تكل مباشرة عرضهم وانتخابهم إلى أحد من أعوانك وكتّابك، فإنّك إن وكلته إليهم أضعت مواضع الحزم، وفرّطت حيث الرأي، ووقفت دون عزم الرّويّة، ودخل عملك ضياع الوهن، وخلص إليك عيب المحاباة، وناله فساد المداهنة، وغلب عليه من لا يصلح أن يكون طليعة للمسلمين ولا عدّة ولا حصنا يدّرئون به، ويكتهفون بموضعه. والطلائع حصون المسلمين وعيونهم، وهم أوّل مكيدتك، وعروة أمرك، فليكن اعتناؤك بهم، وانتقاؤك إيّاهم بحيث هم من مهمّ عملك، ومكيدة حربك، ثم انتخب للولاية عليهم رجلا بعيد الصوت «٢» ، مشهور الاسم، ظاهر الفضل، نبيه الذّكر، له في العدوّ وقعات معروفات، وأيام طوال وصولات متقدّمات، قد عرفت نكايته، وحذرت شوكته، وهيب صوته، وتنكّب لقاؤه، أمين السّريرة، ناصح الجيب «٣» ؛ قد بلوت منه ما يسكّنك إلى ناحيته: من لين الطاعة، وخالص المودّة، وركانة «٤» الصّرامة، وغلوب الشّهامة، واستجماع القوّة، وحصافة التدبير، ثم تقدّم إليه في حسن سياستهم، واستنزال طاعتهم، واجتلاب مودّاتهم واستعذاب ضمائرهم، وأجر عليهم وعليه أرزاقا تسعهم، وتمدّ من أطماعهم، سوى أرزاقهم في العامّة، فإنّ ذلك من القوّة لك عليهم، والاستنامة إلى ما قبلهم.

واعلم أنهم في أهمّ الأماكن لك، وأعظمها غناء عنك وعمّن معك؛ وأقمعها كبتا لمحادّك وأشجاها غيظا لعدوّك؛ ومن يكن في الثّقة، والجلد، والبأس،

<<  <  ج: ص:  >  >>