للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفسك من همّ ذلك والعناية به، ملقيا عنك مؤونة باهظة وكلفة فادحة، [إن شاء الله] «١» .

واعلم أنّ القضاء من الله بمكان ليس به شيء من الأحكام، ولا بمثل محلّه أحد من الولاة: لما يجري على يديه من مغاليظ الأحكام ومجاري الحدود، فليكن من تولّيه القضاء في عسكرك [من ذوي] «٢» الخير في القناعة والعفاف والنّزاهة والفهم والوقار والعصمة والورع، والبصر بوجوه القضايا ومواقعها، قد حنّكته السّنّ وأيّدته التجربة وأحكمته الأمور، ممن لا يتصنّع للولاية ويستعدّ للنّهزة، ويجتريء على المحاباة في الحكم، والمداهنة في القضاء، عدل الأمانة، عفيف الطّعمة، حسن الإنصاف «٣» ، فهم القلب، ورع الضمير، متخشّع السّمت «٤» ، بادي الوقار، محتسبا للخير. ثم أجر عليه ما يكفيه ويسعه ويصلحه، وفرّغه لما حمّلته، وأعنه على ما ولّيته: فإنك قد عرّضته لهلكة الدنيا وبوار الآخرة، أو شرف الدنيا وحظوة الآجلة، إن حسنت نيّته، وصدقت رويّته، وصحّت سريرته وسلّط حكم الله على رعيّته، مطلقا عنانه، منفّذا قضاء الله في خلقه، عاملا بسنّته في شرائعه، آخذا بحدوده وفرائضه.

واعلم أنه من جندك بحيث ولايتك، الجارية أحكامه عليهم «٥» ، النافذة أقضيته فيهم، فاعرف من تولّيه ذلك وتسنده إليه. ثم تقدّم في طلائعك فإنها أوّل مكيدتك، ورأس حربك، ودعامة أمرك، فانتخب لها من كلّ قادة وصحابة رجالا ذوي نجدة وبأس، وصرامة وخبرة، حماة كفاة، قد صلوا «٦» بالحرب وذاقوا

<<  <  ج: ص:  >  >>