للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عواطفهم المستنفرة منك، وقلوبهم المتنحّية عنك «١» .

قس بين منازل أهل الفضل في الدّين والحجا والرأي، والعقل والتدبير، والصّيت في العامّة، وبين منازل أهل النّقص في طبقات الفضل وأحواله، والخمول عند مباهاة النّسب «٢» ؛ وانظر بصحبة أيّهم تنال من مودته الجميل، وتستجمع لك أقاويل العامة على التفضيل، وتبلغ درجة الشرف في أحوالك المتصرّفة بك، فاعتمد عليهم مدخلا لهم في أمرك، وآثرهم بمجالستك لهم مستمعا منهم، وإيّاك وتضييعهم مفرّطا، وإهمالهم مضيّعا.

هذه جوامع خصال قد لخّصها لك أمير المؤمنين مفسّرا، وجمع لك شواذّها «٣» مؤلّفا، وأهداها إليك مرشدا، فقف عند أوامرها، وتناه عن زواجرها، وتثّبت في مجامعها، وخذ بوثائق عراها تسلم من معاطب الرّدى، وتنل أنفس الحظوظ ورغيب الشّرف، وأعلى درج الذّكر، وتأثل سطر العز «٤» والله يسأل لك أمير المؤمنين حسن الإرشاد، وتتابع المزيد وبلوغ الأمل، وأن يجعل عاقبة ذلك بك إلى غبطة يسوّغك إيّاها، وعافية يحلّك أكنافها، ونعمة يلهمك شكرها: فإنه الموفّق للخير، والمعين على الإرشاد؛ منه تمام الصالحات، وهو مؤتي الحسنات، عنده مفاتيح الخير، وبيده الملك وهو على كلّ شيء قدير.

فإذا أفضيت نحو عدوّك، واعتزمت على لقائهم، وأخذت أهبة قتالهم، فاجعل دعامتك التي تلجأ إليها، وثقتك التي تأمل النجاة بها، وركنك الذي ترتجي منالة الظّفر به، وتكتهف به لمعالق الحذر تقوى الله مستشعرا لها بمراقبته،

<<  <  ج: ص:  >  >>