والعرض، فمذ ورد كتاب المولى انتعشت قوّته، واشتدّت منّته، وصدقت في طلب تناول الغذاء شهوته، وترجّى الشفاء بعد أن كان على شفا التّلف، وكان له كالطبيب الآسي في إزالة مرض الأسا والأسف. وقد حصلت للمملوك مسرّتان بكتاب المولى وعافيته، وفرحتان بما أهداه إليه من عفو إنعامه ومحو أثر الألم وتعفيته، وكلّ ذلك بسعادته.
ومنه: ورد المشرّف العالي لا زال قدر مرسله شريفا، وشرفه الباذخ يجعل كلّ شريف مشروفا، وسحائب جوده تهدي إلى الأولياء من مكارمه تليدا وطريفا، وقواضبه تردّ [طرف] حوادث الأيّام عنه مطروفا، وأياديه تبعث لمحبيه تحفا، وهيبته تهدي إلى الأعداء خوفا، والدهر بخدمة جنابه العالي مشغوفا، فوقف عليه وقوف مشتاق إلى مسطّره، متنزّه في ربيع ألفاظه وحسن أسطره، وعرف منه إحسانا ما فتيء يعرفه، وتفضّلا ما زال المولى بمثله يتحفه، وما أشار إليه من شدّة إيثاره، لرؤية المملوك وسماع أخباره، والذي ينهيه أنّ جسده كان قد تضاعف ضعفه، حتّى أتعب الألسنة وصفه، فلما وقف من مشرّف المولى على خطّ هو الوشي المنمنم، وألفاظ هي الرّحيق المختّم بل الدّرّ المنظّم، وسحر هو محلّل وكلّ سحر محرّم، أبلّ المملوك وبردت غلّته، وبرأت علّته، وكان كمن استوفى نصيبه من النّصب، وأخذ قسمه من السّقم والوصب «١» ، فسقاه مشرّفه الصحة في كاس، وأفاض عليه من العافية أفخر لباس.
آخر (كامل) .
ورد الكتاب فعمّت الأفراح ... وأضاء في ليل الأسا الإصباح