في السابع عشر من رمضان المعظم ختمت أنفاس أعظم رجل عرفته البشرية في التاريخ الحديث, وعبقري من أعظم عباقرة الشرق, الذين يطلعون على العالم في مختلف الأحقاب، فيحولون مجرى التاريخ ويخلقونه خلقاً جديداً ذلك هو مصطفى كمال بطل غاليبولي في الدردنيل وبطل سقاريا في الأناضول وباعث تركيا من شبه الموت إلى حيث هي اليوم من الغنى والعز والسمو.
وإذا قلنا بطل غاليبولي فقد قلنا قاهر الإنكليز أعظم دولة بحرية الذي هزمها في الحرب الكبرى بشر هزيمة لم تعرفها في تاريخها الطويل وإذا قلنا بطل سقاريا فقد قلنا قاهر الإنجليز وحلفائهم من يونان وطليان وافرنسيين بعد الحرب الكبرى ومجليهم عن أرض تركيا بعد احتلال عاصمتها والتهام أطرافها وشواطئها.
وإذا قلنا باعث تركيا فقد قلنا باعث الشرق الإسلامي كله فمنزلة تركيا التي تبوأتها من قلب العالم الإسلامي في قرون عديدة هي منزلتها فلا عجب أن يكون بعثه مرتبطا ببعثها، لقد كانت تركيا قبل الحرب الكبرى هي جبهة صراع الشرق إزاء هجمات الغرب ومرمى قدائف الشره الاستعماري والتعصب النصراني من دول الغرب. فلما انتهت الحرب وخرجت تركيا منها مهشمة مفككة تناولت الدول الغربية أمم الشرق الإسلامي تمتلكها تحت أسماء استعمارية ملطفة، واحتلت عاصمة الخلافة وأصبح الخليفة طوع يدها وتحت تصرفها وقال