[المبحث السادس: مكانته العلمية وثناء أهل العلم عليه]
تعرف مكانة الشخص العلمية بشيوخه ومؤلفاته. فالشيخ- رحمه الله- تتلمذ على أكابر العلماء في وقته، وقد ذكرنا ما وجدناه منهم، ولا يبعد أن يكون تتلمذ على غيرهم مما لم نجدهم، لا سيما من كانوا في جُدة، ومن أعظم من أخذ عنه: الشيخ جمال الدين القاسمي، كما ذكر هو عنه نفسه. وقد تأثَّر به- رحمه الله- تأثراً بالغاً، ففهم هذا الدين كما كان يفهمه الصحابة والتابعون، ومن نظر في كتابه يدرك مدى هذا التأثر. ومما يدلُّ على علمه ومكانته، اقتنائه لهذه الكتب العظيمة. فقد كان الشيخ- رحمه الله- مُغْرَماً بشراء الكتب من مصر والهند، حتى كوَّن مكتبة عظيمة في وقت قلَّ فيه رؤية الكتاب، فضلاً عن اقتنائه. فأفاده هذا سعة اطلاع على كلام لعلماء
ومؤلفاتهم، وكسَبَ شخصية علمية قويَّة. ويدلُّ على تمكُنِهِ من العلم، تأليفه لهذا الكتاب العظيم، وقد ألَفَه وهو في سن التاسعة والعشرين من عمره. وحدَّثني ولده أنه كان يحب المناظرة في العلم، فقد كان في جُدة عالم كبير اسمه محمد حسين مطر فكان الشيخ ينتصر عليه دائماَ ويُرجعه إلى المسألة في مكانها من كتب العلماء.
وقد بلغ منزلة علمية أهَلته لتصدر المجالس والفُتْيَا، حتى كان مرجعَ الناسِ في جدة، يسألونه عن أمور الطلاق والحلال والحرام، وكان خطيباً في مسجد عكاش، أكبر المساجد في ذلك الوقت، وحلقته في هذا المسجد معروفة يحضرها طلاَب العلم والقُضاة، فاستفاد الناس منه ومن مُجالسته.
يقول تلميذه حمزة سعداوي: (انتفع بعلمه خلق كثير، كانت حلقته غاصَة بالناسِ من طلاب العلم ومن العوام، فأحيا الله به قلوباً ميّتة بعيدة عن منهج الله، فصحَّح