فالمتّفق على وجوبه: كالإخلاص والتّوكل والمحبّة والصبر والإنابة والخوف والرّجاء والتّصديق الجازم، والنّيّة للعبادة، وهذه قدر زائد على الإخلاص؛ فإنّ الإخلاص هو إفراد المعبود عن غيره.
ونيّة العبادة لها مرتبتان:
إحداهما: تميّز العبادة عن العادة.
والثانية: تميّز مراتب العبادات بعضها عن بعض.
والأقسام الثّلاثة واجبة.
وكذلك الصّدق، والفرق بينه وبين الإخلاص: أنّ للعبد مطلوبًا وطلبًا؛ فالإخلاص: توحيد مطلوبه، والصّدق: توحيد الطّلب؛ فالإخلاص: أن لا يكون المطلوب منقسمًا، والصّدق: أن لا يكون الطّلب منقسمًا؛ فالصّدق: بذل الجهد، والإخلاص: إفراد المطلوب.
واتّفقت الأُمّة على [وجوب] هذه الأعمال على القلب من حيث الجملة، وكذلك النّصح في العبودية ـ ومدار الدّين عليه ـ؛ وهو: بذل الجهد في إيقاع العبوديّة على الوجه المحبوب للرّبّ المرضيّ له، وأصل هذا واجب وكماله مرتبة المقرّبين.
وكذلك كلّ واحد من هذه الواجبات القلبيّة له طرفان: واجب مستحقّ ـ وهو مرتبة أصحاب اليمين ـ، وكمال مستحبّ ـ وهو مرتبة المقرّبين ـ» انتهى ما قاله في بعض عبوديّة القلب.
وعقّبه بعبوديّة اللّسان ـ الواجب منها والمستحبّ ـ، وعبوديّة الجوارح ـ الواجب منها والمستحبّ أيضًا ـ، ومَن اشتغل بالنّظر إلى أنواع العبادات؛ هان عليه تمييزها. والله الهادي إلى سواء السّبيل.
وبالجملة؛ فكلّ عبادة فهي مقصورة على الإله الواحد؛ من أعمال القلوب والجوارح؛ فكما لو صلّى لغير الله أو صام على وجه التّقريب إليه؛ كان كافرًا مشركًا عند