للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا في الجميع١: أَياسِينُ٢، بالياء. والأصل النون لأنَّ إنسانًا وأَناسيَّ بالنون أكثر منه بالياء.

وأُبدلت أيضًا على اللزوم من نون ظَرِبان٣ ونون إنسان التي بعد الألف، في الجمع فقالوا: أَناسِيُّ وظَرابِيُّ، فعاملوا النون معاملة همزة التأنيث لشبهها بها. فكما يُبدِلون من همزة التأنيث ياءً، فيقولون في صَحراء: "صَحارِيُّ"، كذلك فعلوا بنون إنسان وظَرِبان، في الجمع.

وأُبدلت أيضًا من النون في: تَظَنَّيتُ٤؛ لأنه "تَفَعَّلْتُ" من الظَّنِّ. فأصله "تَظَنَّنتُ"، فأُبدلت النون ياءً هروبًا من اجتماع الأمثال.

وأُبدلت أيضًا على اللزوم من النون في: تَسنَّى، بمعنى: تَغيَّرَ. ومن ذلك قوله تعالى: {لَم يَتَسَنَّ} ٥، فحُذفت٦ الألف المبدلة من الياء للجزم. والأصل "يَتَسَنَّنْ"، فأُبدلت النون [ياء] ٧ هروبًا أيضًا من اجتماع الأمثال. والدليل على ذلك قوله تعالى: {مِن حَمَأٍ مَسْنُونٍ} ٨ أي: مُتغيِّر. فقوله تعالى: {مَسْنُون} يدلُّ على أنَّ "يَتَسَنَّ"٩ في الأصل من المُضَعَّف كمَسنُون، وليس من قَبيل المُعتلِّ.

فهذا جميع ما أُبدلت فيه الياء من النون.

وأُبدلت من اللام في: أَملَيتُ الكِتابَ١٠ إنَّما أصله "أَملَلتُ"، فأُبدلت اللام الأخيرة ياءً هروبًا١١ من التضعيف. وقد جاء القرآن باللغتين جميعًا. قال تعالى: {فهِيَ ١٢ تُملَى عَليهِ بُكْرةً وأَصيلًا} . وقال عزَّ وجلَّ: {ولْيُمْلِل ِ١٣ الَّذِي عَليهِ الحَقُّ} ١٤. وإنَّما جعلنا اللام هي الأصل لأنَّ "أَملَلتُ" أكثرُ من "أَملَيتُ".


١ م: الجمع.
٢ ويقال: أياسيّ أيضًا.
٣ الظربان: دابة. وانظر شرح الشافية ٣: ٢١١-٢١٢.
٤ الإبدال ٢: ٤٥٩-٤٦٠ وشرح الشافية ٣: ٢١٠.
٥ الآية ٢٥٩ من سورة البقرة. وهذه قراءة عامة أهل الكوفة. تفسير الطبري ٥: ٤٦٠.
٦ م: فحذف.
٧ من م.
٨ الآيات ٢٦ و٣٣ و٣٨ من سورة الحجر.
٩ م: يتسنن.
١٠ شرح الشافية ٣: ٢١٠. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن ابن السِّيد أن بعض العلماء جعل "تَنسَلِي" من معلقة امرئ القيس أصله تَنسَلّ، أبدلت اللام الثانية ياء وكسر الأولى من أجل الياء. فهو مطاوع سَلَّ يَسُلُّ. قلت: كسر اللام الأولى هو الأصل، ظهر لما فك الإدغام لإبدال الثانية. وليس مجتلبًا لأجل الياء.
١١ م: هربًا.
١٢ الآية ٥ من سورة الفرقان. م: هي.
١٣ في النسختين: فليملل.
١٤ الآية ٢٨٢ من سورة البقرة.

<<  <   >  >>