للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم. لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (١)» وفي الباب أحاديث كثيرة.

قال الخطابي: وكان عليه السلام قد رقى ورقي، وأمر بها وأجازها؛ وإنما جاءت الكراهة والمنع فيما كان منها بغير لسان العرب؛ فإنه ربما كان كفرا أو قولا يدخله شرك.

قلت: من ذلك ما كان على مذاهب الجاهلية التي يتعاطونها، وأنها تدفع عنهم الآفات ويعتقدون أن ذلك من قبل الجن ومعونتهم، وبنحو هذا ذكر الخطابي.

وقال شيخ الإسلام: كل اسم مجهول فليس لأحد أن يرقي به فضلا عن أن يدعو به، ولو عرف معناه؛ لأنه يكره الدعاء بغير العربية، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية، فأما جعل الألفاظ الأعجمية شعارا فليس من دين الإسلام.

وقال السيوطي: قد أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي وما يعرف معناه، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى.

قوله: " والتمائم " قال المصنف: " شيء يعلق على الأولاد من العين " وقال الخلخالي: التمائم: جمع تميمة، وهي ما يعلق بأعناق الصبيان من خرزات وعظام لدفع العين، وهذا منهي عنه؛ لأنه لا دافع إلا الله، ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله وبأسمائه وصفاته.

قال المصنف: " لكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه ويجعله من المنهي عنه. منهم ابن مسعود ".

اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته، فقالت طائفة: يجوز ذلك. وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو ظاهر ما روي عن عائشة، وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية. وحملوا الحديث على التمائم التي فيها شرك.


(١) صحيح مسلم السلام (٢٢٠٠)، سنن أبو داود الطب (٣٨٨٦).