للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عبيد: كانوا يقلدون الإبل الأوتار؛ لئلا تصيبها العين، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإزالتها إعلاما لهم بأن الأوتار لا ترد شيئا. وكذا قال ابن الجوزي وغيره.

وقال الجاحظ: ويؤيده حديث عقبة بن عامر، رفعه: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (١)» رواه أبو داود، وهي ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك. انتهى.

قال المصنف: " وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (٢)» رواه أحمد وأبو داود ".

وفيه قصة، ولفظ أبي داود: عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: «إن عبد الله رأى في عنقي خيطا، فقال: ما هذا؟ قلت: خيط رقي لي فيه. قالت: فأخذه ثم قطعه، ثم قال: لأنتم آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. فقلت: لقد كانت عيني تقذف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي فإذا رقى سكنت. فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقى كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أذهب الباس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما (٣)». ورواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح وأقره الذهبي.

قوله: " إن الرقى " قال المصنف: (هي التي تسمى العزائم، وخص منه الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العين والحمة) يشير إلى أن الرقى الموصوفة بكونها شركا هي التي يستعان فيها بغير الله، وأما إذا لم يذكر فيها إلا أسماء الله وصفاته وآياته، والمأثور عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا حسن جائز، أو مستحب.

قوله: (فقد رخص فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العين والحمة) كما تقدم ذلك في باب من حقق التوحيد. وكذا رخص في الرقى من غيرها، كما في صحيح مسلم، عن عوف بن مالك «كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف


(١) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٥٤).
(٢) سنن أبو داود الطب (٣٨٨٣)، سنن ابن ماجه الطب (٣٥٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٨١).
(٣) سنن أبو داود الطب (٣٨٨٣)، سنن ابن ماجه الطب (٣٥٣٠)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٨١).