للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتفاء عمل القلب، وهو محبته وانقياده، كما لم ينفع إبليس، وفرعون وقومه، واليهود، والمشركين، الذين كانوا يعتقدون صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، بل ويقرون به سرا وجهرا، ويقولون: ليس بكاذب، ولكن لا نتبعه ولا نؤمن به.

وإذا كان الإيمان يزول بعمل القلب، فغير مستنكر أن يزول بزوال أعظم أعمال الجوارح، ولا سيما إذا كان ملزوما لعدم محبة القلب وانقياده الذي هو ملزوم لعدم التصديق الجازم كما تقدم تقريره؛ فإنه يلزم من عدم طاعة القلب عدم طاعة الجوارح؛ إذ لو أطاع القلب وانقاد أطاعت الجوارح وانقادت، ويلزم من عدم طاعته وانقياده عدم التصديق المستلزم عدم الطاعة، وهو حقيقة الإيمان؛ فإن الإيمان ليس مجرد التصديق كما تقدم بيانه، وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة والانقياد، وهكذا الهدى ليس هو مجرد معرفة الحق وتبينه، بل هو معرفته المستلزمة لاتباعه والعمل بموجبه، وإن سمي الأول هدى، فليس هو الهدى التام المستلزم للاهتداء، كما أن اعتقاد التصديق وإن سمي تصديقا فليس هو التصديق المستلزم للإيمان) (١).

علق عليه في التوضيح بقوله: (إنه - يعني: ابن القيم - جعل حقيقة


(١) الصلاة وحكم تاركها ٥٠ - ٥١.