للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأحللنا لك من وقع لها أن تهب لك نفسها، ولا تطلب مهرا من النساء المؤمنات، وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولذا قال: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (١) وذلك تكرمة لنبيه وإجلالا لقدره، وجاء الإظهار في موضع الإضمار في قوله: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} (٢) للإيذان والإعلام بأن هذا الحكم مما خص به تكرمة له، لأجل النبوة، وتكريم تفخيم له، وتقرير لاستحقاقه الكرامة لنبوته وفي ذلك تزكية لفعل المرأة التي تهب نفسها له بأنها راغبة لكرامة النبوة وجليل قدر الرسالة، فأرادت أن تكون في عداد أهل بيته ومن يشرف بخدمته، ويقرب من هديه وحاله.

أما قوله تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} (٣) فجملة اعتراضية، معناها: أن ما ذكر فرضك وحكمك مع نسائك، وأما حكم أمتك فعندنا علمه ونبينه لهم، وإنما ذكر هذا لئلا يحمل أحد المؤمنين نفسه على ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم، فإن له في النكاح وغيره خصائص ليست لغيره.

أما قوله: {لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} (٤) فتعليل لما شرعه الله تعالى في حق نبيه صلى الله عليه وسلم في الآية من التوسعة في الازدياد مما خص به عن أمته وفيما ساواهم فيه، فلم يضيق عليه، وهذا تعليم وامتنان، وقد سلك عليه الصلاة والسلام في الأخذ بهذه التوسعات والعيش مع هذه المنن والكرامات التي رفع الله بها قدره مسلك الكمل من عباده وهو أكملهم، فكان عبدا


(١) سورة الأحزاب الآية ٥٠
(٢) سورة الأحزاب الآية ٥٠
(٣) سورة الأحزاب الآية ٥٠
(٤) سورة الأحزاب الآية ٥٠