الإسلامي. فإنه رغم مرور أكثر من قرن على قيام هذه الدعوة الإصلاحية إلا أنها كانت تنتزع قسما كبيرا من نفوذ آل عثمان الديني، وتضم إلى جانبها قطاعا هاما من المسلمين الخاضعين لدولتهم.
ومن هنا قرر السلطان عبد الحميد القيام بعمل إيجابي في مواجهة نشاط هذه الدعوة ووقفها عند حدها. وتحقيقا لهذا الهدف. . تعددت اجتماعات السلطان عبد الحميد منذ عام ١٢٧٧ هـ ١٨٦٠ م - لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات لوقف تيار دعوة الشيخ. . ومنعه من الوصول إلى المسلمين في أنحاء العالم. وفي نفس الوقت إقناعهم بفكرة الجامعة الإسلامية كبديل لهذه الدعوة.
وفي اجتماع سري عقده في الأستانة في أول صفر ١٢٧٧ هـ ١٩ أغسطس ١٨٦٠ م توصل الحاضرون إلى قرارات فيما يتعلق بهذا الأمر وهي:
١ - دعوة عدد من كبار الشخصيات في العالم الإسلامي، والتي تتمتع بمركز أدبي ونفوذ روحي في بلادها لزيارة الأستانة بدعوة من السلطان عبد الحميد. وهناك يعرض السلطان عليهم فكرة الجامعة الإسلامية - بوصفهم رعايا للدولة العثمانية - ويطلب إليهم استعمال نفوذهم في التأثير على مواطنيهم لينضووا تحت لواء الفكرة الجديدة، ويحاربوا أي اتجاه ديني آخر يستأثر باهتمامهم.
٢ - إرسال دعاة من قبل الخلافة العثمانية إلى سائر البلاد الإسلامية، وخاصة في تلك التي وصلت إليها دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومحاولة فض المسلمين من حولها.
٣ - حشد العلماء والكتاب للكتابة ضد دعوة الشيخ، واتهامها بتهم جسيمة تنافي الدين فيكون ذلك سببا في بغض المسلمين لها.
وقد تم تنفيذ ما انتهى إليه أمر ذلك الاجتماع. . ووصل بالفعل إلى الأستانة عدد من الشخصيات المعروفة في العالم الإسلامي آنذاك، ومن ذوي التأثير والفاعلية أمثال جمال الدين الأفغاني وأبو الهدى الصيادي وغيرهما. وهناك قربهم السلطان عبد الحميد إليه، وأغدق عليهم، وعرض عليهم مشروع الجامعة الإسلامية (١).
وفي نفس الوقت، قامت الدولة العثمانية بإرسال عدد من الدعاة من قبلها إلى سائر البلاد الإسلامية
(١) لوثورب ستودارد: حاضر العالم الإسلامي جـ ١ ص ٢٧٠ وما بعدها.