لإقناع المسلمين بفكرة الجامعة الإسلامية على نطاق واسع، فوصل هؤلاء المبعوثون إلى مصر والسودان والمغرب والهند (الهند وباكستان وبنجلاديش حاليا) وأفغانستان والملايو للقيام برسالتهم التي تم الاتفاق على أهدافها في اجتماع السلطان عبد الحميد برجاله. هذه الأهداف تقضي بإقناع المسلمين في تلك الأقطار بأن السبيل الوحيد إلى إصلاح حالهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي هو إصلاح دينهم. وأن الجامعة الإسلامية قامت لهذا الغرض لتعيد إلى المسلمين قوتهم وحمايتهم من خطر الوقوع في قبضة الدول الغربية. وفي نفس الوقت يحذرون المسلمين مغبة " التردي في دعوة الوهابيين " وإلصاق التهم والمفتريات ضدها حتى يدللوا على صحة مفترياتهم واتهاماتهم.
وتحقيقا لأسباب دعوة السلطان عبد الحميد ونجاحها. . بادر السلطان في تنفيذ عدد من المشروعات الإصلاحية في العالم الإسلامي لإشعار المسلمين بجديته في أمر إصلاحه لأمور المسلمين. فكان أن نفذ مشروع سكة حديد الحجاز، والإغداق بلا حساب على إصلاح المسجد الحرام، وإدخال التحسينات عليه.
وقد وجدت الدعوة إلى الجامعة الإسلامية، وهي على ذلك النحو من الاتجاه الديني تقبلا في أول الأمر من الشعوب الإسلامية لشعورها بالحاجة الفعلية إلى التضامن لمواجهة ما كان يمر بالعالم الإسلامي من أحداث. واستجابت تلك الشعوب لدعوة السلطان عبد الحميد التي استغل فيها مشاعر المسلمين بوصفه حامي حمى الإسلام وخليفة المسلمين، وخادم الحرمين الشريفين.
وفي اتجاه آخر نشطت الدولة العثمانية في تكتيل دعاتها وكتابها وعدد من الشخصيات الإسلامية والسائرين في ركابها لتأليف الكتب ونشر الرسائل على نفقتها ضد الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته. فظهر عدد كبير من تلك الكتابات التي رصد لها مبالغ طائلة، تلصق الاتهامات بالشيخ، لتشوه بقدر الإمكان أمر الدعوة الإصلاحية التي نادى بها. وكان التركيز في تلك الحملة العدائية يتلخص في القول بأن دعوة الشيخ ما هي إلا دعوة إلى دين جديد. . وأن القائمين عليها قد أبطلوا الحج إلى بيت الله الحرام (١).
واستمرت الحملة على ذلك النحو - وهي تجد من السلطان عبد الحميد العون والمساعدة والتشجيع. وكانت المؤلفات والرسائل التي تصدر في هذا الموضوع توزع في شتى أنحاء العالم الإسلامي. والقصد من ذلك غزوه فكريا على نطاق واسع في محاولة لتحطيم دعوة الشيخ وإزالة مكانتها من نفوس المسلمين.
(١) Winder: Saudi Arabia in the ١٩ th century p. ٧٣.