للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما القاضي فقد نقل عنه القرطبي أنه قال (١): " معناه أن الناس كانوا يقتصرون على طلقة واحدة ثم أكثر أيام عمر من إ يقاع الثلاث - قال - قال القاضي: وهذا هو الأشبه بقول الراوي إن الناس في أيام عمر استعجلوا الثلاث فعجل عليهم معناه ألزمهم حكمها ". انتهى.

وأما ما نسب إلى علماء الحديث فقد قال القرطبي بعد ذكره تأويل الباجي حديث ابن عباس وما أوله به أبو زرعة، قال: قلت ما تأوله الباجي هو الذي ذكر معناه الكيا الطبري عن علماء الحديث أي أنهم كانوا يطلقون طلقة واحدة هو الذي تطلقون ثلاثا أي ما كانوا يطلقون في كل قرء طلقة، وإنما كانوا يطلقون في جميع العدة واحدة إلى أن تبين وتنقضي العدة، انتهى كلام القرطبي، وأما ترجيح ابن العربي فقد نقله عنه ابن حجر (٢).

وأما ذكر ابن قدامة له فقد قال (٣): قيل معنى حديث ابن عباس أن الناس كانوا يطلقون واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وإلا فلا يجوز أن يخالف عمر ما كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، ولا يسوغ لابن عباس أن يروي هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويفتي بخلافه.

وقد أجاب ابن القيم عن ذلك فقال (٤): وأما قول من قال: إن معناه كان وقوع الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة، فإن حقيقة هذا التأويل كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلقون واحدة وعلى عهد عمر صاروا يطلقون ثلاثا، والتأويل إذا وصل إلى هذا الحد كان من باب الألغاز والتحريف لا من باب بيان المراد ولا يصح ذلك بوجه ما، فإن الناس ما زالوا يطلقون واحدة وثلاثا، وقد طلق رجال نساءهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا فمنهم من رد إلى واحدة كما في حديث عكرمة عن ابن عباس، ومنهم من أنكر عليه وغضب وجعله متلاعبا بكتاب الله، ولم يعرف ما حكم به عليهم، وفيهم من أقره لتأكيد التحريم الذي أوجبه اللعان، ومنهم من ألزمه بالثلاث لكون ما أتى به من الطلاق آخر الثلاث، فلم يصح أن يقال: إن الناس ما زالوا يطلقون واحدة إلى أثناء خلافة عمر فطلقوا ثلاثا، ولا يصح أن يقال: إنهم قد استعجلوا في شيء كانت لهم فيه أناة فنمضيه عليهم ولا يلائم هذا الكلام الفرق بين عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين عهده بوجه ما. فإنه ماض منكم على عهده بعد عهده، ثم إن في بعض ألفاظ الحديث الصحيحة «ألم تعلم أنه من طلق ثلاثا جعلت واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٥)» ولفظ «أما علمت أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر من خلافة عمر؟ فقال ابن عباس بلى كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر


(١) تفسير القرطبي: ٣/ ١٣٠.
(٢) الفتح ٩/ ٢٩٩.
(٣) المغني ومعه الشرح ٧/ ٣٠٤.
(٤) زاد المعاد ٤/ ١١٩.
(٥) صحيح مسلم الطلاق (١٤٧٢)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٦)، سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٩).