مِنهُم؛ لوجُوبِ سَبَبِ الوِلايَةِ في كُلٍّ مِنهُم.
والأَولى تَقديمُ أفضَلِ المُستَويَينِ في الدَّرجَةِ عِلمًا ودِينًا ليُزوِّجَ. فإن استووا في الفَضلِ، فأَسنَّ؛ لأنَّه عليه السلامُ لمَّا تقدَّم إليه مُحيِّصَةُ وحُوَيِّصَةُ وعُبدُ الرحمن بنُ سَهلٍ -وكان أصغرَهم- فقالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "كبِّرْ، كَبِّرْ" أي: قَدِّم الأكبَرَ. فتقدَّم حُويِّصَةُ (١). ولأنَّه أحوَطُ للعَقدِ في اجتِماعِ شرُوطِه، والنَّظَرِ في الحَظِّ.
وإن تَشَاحُّوا -الأولياءُ المستَوُونَ في الدَّرجَةِ- فطلَبَ كُلٌّ مِنهُم أن يُزوِّجَ، أُقرِعَ بَينَهُم؛ لتَساوِيهِم في الحقِّ، وتَعذُّرِ الجَمعِ بَينَهم. فإن سَبَقَ غَيرُ مَن قَرَعَ (إن أذِنَت لهم) أي: لكُلِّ واحِدٍ مِنهُم، صحَّ التزويجُ، لصُدُورِه من وَليٍّ كامِلِ الوِلايَةِ بإذنِ مَوليَّتِه، أشبَهَ ما لو انفَرَد بالوِلايَةِ. (فإنْ أَذِنَت لأَحَدِهم) أي: لوَاحِدٍ مِنهُم (تعيَّنَ) مَن أَذِنَت له، فيُزوِّجُها دونَ غَيرِه، إن لم يَكونُوا مُجبِرِين، كأَوصياءِ بِكْرٍ جَعَلَ أبوهَا لِكُلٍّ مِنهُم أن يَنفَرِدَ به، فأيُّهم عقَدَ، صَحَّ. ومَن أُلحِقَت بأكثَرَ مِن أبٍ، لم يَصحَّ تَزويجِهَا إلَّا مِنهُم، كالأَمَةِ المُشتَرَكَةِ.